ضع رأسك على هذا الحجر حتى أجد حجرًا أرض به رأسك فيستسلم ويضع رأسه على الحجر حتى يأتيه بحجر فيرض به رأسه، والله لو أن شاة صنع بها هكذا لتمكنت من الفرار، ولكن هذا من العجائب التي يبتلي الله بها عباده، وكان لما أن هجم العراقيون على الكويت لم يجدوا مقاومة تذكر، فقد فرّ الأمير وولي عهده ومن تمكن من الأسرة الحاكمة أن يفروا، وأخذت نسائهم سبايا وفرَّ البقية ممن تمكن من الفرار لا يلوي أحد على أحد، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وتركوا أموالهم وسياراتهم الثمينة، لعل العدو أنْ ينشغل بها وركبوا عبر الصحراء تاركين الخط الرئيسي لعلهم يسلمون، وتوجهوا إلى السعودية فارين مع الصحاري الموحشة، فكانت الجنود العراقية تلاحقهم وتأخذ أموالهم وفتياتهم قهرًا ويسلبون ما وقعت عليه أيديهم من الحلي والساعات والنفقات، ويقعون على النساء وهم ينظرون بمرأى ومسمع من أزواجهن ووالديهن، وبلغت بهم إلى أن يصوب العراقي المسدس على الولي أو الرشاش ويتهدده إذا غضَّ طرفه وهو واقع عليها، فأي همجية وأي حالة أخسر من هذه الحالة التي لم يتوصل إليها غيرهم، فوالله لو أن العرب قاطبةً، ولو أن المسلمين شدوا الصعب والذلول وهجموا هجومًا صاعقًا على أولئك الغوغاء لكان هو اللائق بهم، ولكن الأمور مرهونة لأوقاتها، وربما هلك الكويتيون عطشًا أو تعطلت السيارة عن السير فهلك أهلها بحيث لا زاد ولا مزاد ولا وقود، فحدّث ولا حرج، ولم يروا التاريخ أبشع من هذه الحالة، وقد تقدم شيء من تلك المخازي التي لا يقدم عليها شريف له إنسانية إذا عدم فيه اسم الدين والإسلام مما يندي له الجبين وتقشعر منه جلود المؤمنين، وتنكره فطر العالمين فعياذ بالله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

ومن العجائب كون النساء والصبيان وضعفاء العقول فارين يهربون من الخوف من صدام، إياكم صدام حسين الويل لكم من صدام، ولما أن جلسوا في السعودية كانوا لا يقر لهم قرار، فكلما مرت طائرة في الجو خافوا، ولا سيما الشباب في المدارس، فقد كانوا يفرون من مقاعدهم ودراستهم من الهلع والخوف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015