لأنه لم يظهر أولًا إلا نذرًا يسيرًا، وتظاهر بالعصيان فيهدد بأنه يستطيع أن يغيّر مجرى التاريخ ويهدم الكويت، ويفعل ويفعل، هددته أمريكا بأمر الرئيس جورج بوش بأنه إذا لم يحضر جميع ما لديه من السلاح الذري وما قام به من جمع الأسلحة التي أنفق ثروة العراق في جمعها وإنشائها لأن الرجل خطر على الأمن ويسكت على شر كبير لما يبيته للإسلام وللعرب، وبعثت إليه اللجنة التي تم ذكرها وأنه إذا لم يخضع فإنها ستضرب العراق مرةً أخرى عند ذلك أطلع اللجنة الكائن عددها من اثني عشر خبيرًا، فبواسطة الأقمار الصناعية أظهر ما أخفاه وهي مدافع وصواريخ بعيدة المدى وأعمالًا كيماوية وذرية.
وذلك في 19/ 1 محرم، ومن هذه الأسلحة المسيلة للدموع والأسلحة المؤثرة على الأعصاب وغير ذلك من الأسلحة المهددة بالهلاك والدمار، نسأل الله العافية، وكان أهالي الكويت لما سمعوا بتهديداته الأخيرة عزموا على ترك الكويت والعودة إلى السعودية، كما أن سكان مدينة الرياض جعلوا يفكرون باللجوء إلى القصيم واستأجروا فيها، ولكن تهديد أمريكا وشجاعة الرئيس بوش التي كانت أعظم من وقوع الصاعقة عليه أوقفته ذليلًا خائبًا حسيرًا، وهكذا كل معتد فإنه لا بد أن يبوء بالخزي والهوان والخيبة والخسران، ومن العجائب، والعجائب جمة أن يقوم طريد ذليل فيعمل تلك المشاكل سوى أن الأمور مرهونة لأوقاتها، ولم سمع أهالي العراق بما يذيعه وينشره من هذيانه ألقى الله في قلوبهم الرعب وفروا إلى القرى والجيران خشية أن يعمهم البلاء بسببه.
قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، فأما الخوف فحدث ولا حرج فيما إذا أوقع الله الخوف بأحد من خلقه، وانظر إلى تمام قدرة الله جلَّت عظمته إذا أذن بالخوف، فقد روى التاريخ أن التتار لما سلطهم الله على المسلمين عام 656 هـ توصلت الأحوال إلى أن يقبض رجل من التتار على رجل من المسلمين فيقول له