وانتشرت فيهم الوساوس والمخاوف وفيهم من أثر ذلك على عقله وشعر أنه في نومه ويقظته، وكان الكويتيون يسيرون في السعودية ويشحذون ثمن البنزين ويروون ماذا حصل على أموالهم من النهب والسلب، ولما أن جعلت صواريخ صدام تسقط يمنةً ويسرة طويلة المدى في الرياض والحفر وبعض المواضع الشرقية، شد المسلمون من الرياض والدمام والحفر ممتطين الصعب والسيارات فارين إلى القصيم، ثم إنه لما أذل الله العدو كسرت شوكته، وكان الكويتيون بين مصدق ومكذب بحيث أبو عن الرجوع إلى الكويت، وذلك لأنه قد ملأ بيوتهم بالأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة، مما كان له أثر سيئ بحيث لما وقعت في أيدي سكان الكويت ومن اجتمعوا به فكانت تلك الأسلحة سبب الفوضى والتناحر هناك، فقد قام الفلسطيني وغيره ممن كان في الكويت لا يتورعون عن إطلاق النار، وانتشرت المذابح فيما بينهم، وزاد الطين بلة وجود عراقيين مختفين في الكويت يعملون الفوضى ويفجرون العبوات الناسفة، ولما أن استقر الأهالي في الكويت وقاموا بردم بعض آبار النفط والبترول هناك لم يلبثوا إلا قليلًا حتى سمعوا أبواق إذاعات صدام بأنه سيعيد الكرة عليهم، فلا فائدة في إصلاح بلدهم وهو يريد أن يهدمها مرةً أخرى، وكان لتهديداته وخزعبلاته وتخويفاته صدى عظيم في صدر الأهالي بحيث عقدوا العزم على الفرار مرةً أخرى إلى السعودية لولا أن ضمنت لهم أمريكا الأمن في الكويت، وقامت تهدد العراق بضربة أخرى إذا لم يلتزموا بالأمن وعدم إطلاق النار ووقف إطلاق النار، وسلموا السلاح والسرقات التي سرقوها من الكويت، وكان ذلك في أواخر شهر محرم من هذه السنة، وكان تهديد أمريكا أعظم من وقوع الصاعقة عليهم، واختفى ذكر صدام فكانت العراق تنطق باسم حكومة العراق.
وهناك هددت بريطانيا العراق بأنها إذا لم تلتزم بثلاثة أمور فلا بد من ضربها:
أولًا: إطلاق الأسراء الكويتيين.
ثانيًا: تسليم جميع ما لدى العراق من الأسلحة النووية والكيماوية.
ثالثًا: ردُّ جميع المسروقات والمنهوبات من الكويت.