أحد الرفقة إلى امتطاء الإبل الهزيلة التي كانت تسير تارة وتبرك أخرى لضعفها، فكانت المساقة ما بين الدوادمي إلى بريدة سبعة أيام بلياليها جعلت الأمة تبحث عن وجود اللحم في القرى.
فقيل لنا أن عمشًا وعميشًا والمعيريض وقرى تمرون بها ضعيفة لا يوجد فيها اللحم، ولكن أمامكم المربع لهجرة هناك فإنهم كانوا ينحرون في كل أسبوع جملًا لجلبه على المارة والسكان.
ولما أن وصلنا إلى المربع وجدنا الأمة قد أحاطوا بالجزار وبلحم الجمل للشراء وكانت الكلاب من خلفهم لعله يحصل لها عظم أو عصب فلأذى الكلاب وشدة سورتها لم نتمكن من الدنو إلى اللحم وسرنا بلا شيء.
وفي هذه الأزمان كانت القطط والكلاب لا تأكل الطعام ولا العصب ولا الشحم إنما تريد اللحم الخالص وأصبح المتوسطون لا يأكلون طعام الغداء والعشاء إلا وهو مصحوبًا باللحم، وقد أحصى ما تستهلكه مدينة بريدة من الذبائح شهريًا فبلغت في ظرف تسعين يومًا ثلاثة وثلاثين ألف رأس ماشية فيا عجبًا أصبحت القطط تأنف من أكل الشحم والعصب بل الوحوش تأنف من أكلها.
قال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} (?) وقال تعالى في وصف عباد الله الصالحين: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)} (?) هاتان الآيتان بينت النهي عن الإسراف في المأكل والمشرب والملبس وأن عباد