ولكننا نشير إلى مشكلة قد يقع فيها كثير من الشباب وهي الغلو والجفاء أو الإفراط أو التفريط وقد نبه على هذه المشكلة شمس الدين ابن القيم رحمه الله وأن هذه المشكلة لا ينجي منها إلا العلم الراسخ الذي يوضح كيد الشيطان وما ينبغي للمؤمن أن يتسلح به من غارات الشيطان ومكائده، وكنت أظن أن اللبيب تكفيه الإشارة فيما لوحنا إليه وحذرنا منه.

نِعَم الله على عباده كثيرة

لقد مرّ على المسلمين أوقات طويلة كانوا لا تراق دماء الذبائح في بيوتهم إلا في عيد الأضحى وأيام التشريق، فكانت الأمهات تعد أطفالها بالتوسع في أكل اللحوم بعيد الأضحى وقد لا يذبح في المدينة الكبرى للبيع والشراء من الجزارين سوى سبعة رؤوس من الضأن يوميًا وجملًا واحدًا.

ومن القرى من تَمر الأيام ولا يوجد في أسواقها لحم وإذا اشترى ربّ العائلة إدامًا من اللحم فإنه يحرص على أن لا يطلع عليه الناس خشية من عين الحسود فقد يأخذ القِدر القليل من اللحم ثم يدخل يده في كمه فيجعله من بين الثوب والجسم، كل ذلك إخفاء عن الآخرين.

وأذكر أني لما رجعت من الحج عام (1361 هـ) وكنت في صحبة العميان مطاوعة البيت المالك الذين حملوا أثاثي بسياراتهم وطلبوا مني الصحبة كان يقدم لنا الطباخون طعام الغداء والعشاء من الأرز الذي إدامه من الدّهن وحينما وصلت السيارات في اليوم الثالث ظهرًا إلى بلد الداودمي إذا بالأمر ينزل من الرياض استفسارًا عن تأخيرها، فيبادر المسلمون إلى مواصلة السير ونزل الذين تعلقوا بها كرفقة وكانوا واحدًا وثلاثين شخصًا قد تعلقوا بتلك السيارات التي بلغ عددها ثلاثًا وثلاثين سيارة قاصدة إلى الرياض.

وبما أن الدوادمي في مسامته القصيم جنوبًا فإنهم نزلوا فيه وبما أنه لا يوجد إذ ذاك سيارات بالأجار إلى القصيم فإن الأمة بادروا بعد تناول طعام العشاء ليلًا لدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015