استعصى به المرض فقد يجد لديه من لطف الله فرجًا ويعطف على الأيتام والأرامل فكان يربي الأرامل في قصره ويتفقدهم. قال راوي الحديث: وقد شاهدت الأيتام متحلقين على الطَّعام وهو من بينهم يأكل معهم، ورأيته يخيط ثياب من يرى منهم متمزق الثياب، وكان يقوم من آخر الليل يسخن الماء في الأواني في الشتاء لِخَدَمِهِ ورجاله إذا قاموا لصلاة الفجر، ويهيئ لهم القهوة بنفسه مباشرة وتواضعًا. وبكل حال فإنَّ هذه صفات غريبة عجيبة فليسطر التاريخ ما شاء من المفاخر والمكارم.
كان تقيًّا ذكيًّا نزيهًا كريمًا قويًّا شجاعًا سلس الحديث، راوية لجميع الوقعات التي شاهدها وخاض غمارها، ويحفظ ما قيل من الشعر في هذه الوقعات، ولا يمل حديثه، فقد تأتي رجال البادية وشيوخها إلى مجالسه يتلقون الأخبار عنه وقد يأخذ في رواية بعض الحوادث من الصباح حتَّى يقوم رجاله لأداء صلاة الظهر، وكل إنسان من الجالسين لا يفارق مجلسه حتَّى يفرغ من الحديث. وأتى برجل قد انتفخ بطنه مبشومًا يحمله أهله إليه فذهب وجاء بقطعة حلتيت فأذابها وسقاه إياها، وقال: إذا تحركت أمعاؤه فأخبروني. فلم يفده ذلك من شيء فدعى بقطعة أخرى من الحلتيت وأذابها وسقاه إياها ثم أمر أن يذهب به للبراز فما كان إلَّا أن خرج منه جميع الفضلات وعادت إليه صحته. وأتى برجل أصيب بعرق النساء وعجز الأطباء عن علاجه وكان محمولًا بنعش فأخذ حزامًا في بطن أحد الأعراب الذين في معيته وكان مجموعة من السيور مضفورًا طويلًا فأقام الرجل إلى عمود وشد على فخذه من أصلها إلى العرقوب ثم فصد ما تحت الكعب فخرج منه دم أسود وشفى من مرضه وكان ذلك المريض قد فصل من العمل لما أقعده مرضه فقام كأنَّما نشط من عقال فطلب منه الأمير سويلم أن يستقر عنده فأبى وقال: والله لا أبرح حتَّى آتي الذين قضوا بعدم صلاحيتي للعمل حتَّى يروا