يتحدث إلى رؤساء أهل القصيم لما فتحه وهو الذي لا يخشى إلاَّ الله عزَّ وجلَّ. قال: لما أردت الخروج من الكويت فللت الراية وتحتها أربعون رجلًا لا أملك غيرهم فسمعت رجلًا من أهالي الكويت أعرفه يقول: من هذا الذي قام برايته فحقه والله أن تكسر ويضرب بها أو كلامًا أقبح منها فبكيت وسألت الله النصرة كان يرى العقبات والصعاب أمامه ويبصر وهو الرجل العظيم الذي لا ترق لمخيلته الأوهام والأحلام ولكن التي يمتلكها لا يرى لها حدًا تقف عنده ولا يرى لها مقاومًا يستطيع ردها والتغلب عليها تلك القوة التي بها عمر قلبه والثقة بربه التي اكتسبها.
كان قد تعلم تجشم المشاق وحارب الراحة ومن طلب المفاخر تحمل الأخطار. ولما أن خرج من الكويت لفتح الرياض وله من العمر إحدى وعشرون سنة بأولئك الأربعين الأشاوس وأصحروا واجتازوا المفاوز إلى الغرض في أواسط نجد بعد قطع ما يقرب من ستمائة كيلومتر أو يزيد ما كان يهمهم العدو الذي كانت كل تلك الأراضي محكومة له وكان عدوه ذا بأس شديد فصبح المترجم بعد السير والسُّرى فريقًا من قبائل قحطان الموالية لخصمه ابن رشيد وأخذهم وعاد فائزًا ثم أعاد الكرة ولا نطيل هنا فمن أراد الاطلاع على بطولة هذا العبقري فليراجع المعارك المتقدمة التي شهدها أو دبرها ولقد خاض بضعًا وثمانين غزوة بنفسه وهذا غير ما دبر من معارك أرسل عليها قادة من أبنائه وإخوته وقادته. وكان إنسانًا وأي إنسان أنشأ مملكة عظيمة مترامية الأطراف بجهاده وعزيمته الصادقة وبنى مجدًا تالدًا للأمة السعودية خاصة وللأمم العربية والإِسلامية عامة. وكان لما زحف من الكويت لفتح الرياض اجتمع عليه عدد من العجمان وآل مرة والسهول وسبيع فلما تذوقوا المغانم قبل فتح الرياض استيقظ النائم وعمل ما عمل لمقاومته كما مرَّ فشعر من التفَّ حوله أن القضية ليست قضية غزوات تجر