بن عيسى المذكور وأطمعهم في العطاء فتبعه منهم جمع غفير، ولما أن علمت أسرة راشد بما بيّته لهم أولئك انهزموا إلى بادية الظفير، وأقاموا هناك فاستقل محمد بن عيسى بولاية المنتفق.
ثم دخلت سنة 1270 هـ، ففيها أنشأ الشيخ عارف حكمة مكتبة في المدينة المنورة وأرسل إليها ستة آلاف كتاب من كتبه، وأراد أن يأتي ببقيتها بنفسه ليضعها في مكتبته غير أن النية عاجلته قبل ذلك وبيعت الكتب الباقية بأبخس الأثمان وكان عارف هذا مولعًا بالمطالعة وجمع نوادر الكتب ولا يزال يلهج بالبحث والمطالعة ومن شعره في ذلك قوله:
أروح وأغدو في التهاب وغلة ... لفرط اشتياقي في مطالعة الكتب
إذا ما خلت نفسي وصرت جليسها ... أراني كعطشان على المنهل العذب
أهم ولو كانت بحورًا بشربها ... ولكنه لا يرتوي أبدًا قلبي
وقد جمع من الكتب ما يقرب من عشرة آلاف كتاب.
وفيها ولد الشريف حسين بن علي بن محمد بن عبد المعين بن عون، وكانت ولادته في الأستانة لأن أباه كان فيها ثم عاد بعد سنتين من ولادته إلى مكة مع والده، وجده ثم عاد والده علي إلى فرق وأقام فيها إلى أن توفي والده بعد سنة، وكان علي في تلك المدة عضوًا في المجلس الأعلى ثم صار وزيرًا وعين عضوًا في مجلس الشورى للدولة العثمانية، وكان الحسين بن علي في صفته رقيق البشرة معتدل الأنف دقيقه له جبين رفيع وضاح يظهر بكمال بهائه عندما يرفع العقال، وقد يلبس العمامة، وله عينان فيهما نور يشع من حدقتين عسيلتين تحيط بهما هالة زرقاء، وله ابتسامة تجذب القلوب، وكان فصيحًا معجبًا بنفسه، وإذا تكلم فإنه يردد لفظة أقول كذا لأن صوته خفوتًا تضيع عنده الكلمات، فيعيدها مثبتًا ممكنًا، وفي كلامه لغز ورموز ويبين من أخلاقه هممه التي ستصدر بعد ذلك منه.
وفيها في صفر توفي الشيخ أبو بكر بن محمد الملا الحنفي الأحسائي صاحب مختصر التبصرة، وكتاب حادي الآنام إلى دار السلام، وله مؤلفات وهذا هو الذي رد عليه الشيخ سليمان بن سحمان.