منهج أهل السنة: إثبات ما ثبت في الكتاب والسنة، ونفي ما نُفِي فيهما.
فقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث النوم عن ربه، فقال: " لا ينام "، وهو نظير قوله جل وعلا: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} 1، فهو سبحانه منزه عن النوم لكمال حياته وقيوميته.
ولأهل السنة قاعدة معروفة في الصفات المنفية، مثل النوم والسِنة والولد واللغوب والظلم ونحو ذلك"، وهي: أنَّ النفي الوارد في صفات الله ليس نفياً صِِرفاً، وإنما هو نفي متضمن إثبات كمال ضد المنفي لله جل وعلا 2، فالنفي الصِرف ـ الذي لا يتضمن معنى ثبوتياً ـ ليس مدحاً، فقد يُنفى الشيء عن الإنسان لعجزه عنه، أو لعدم قابليته له.
فقد ينفى الظلم والاعتداء ـ مثلاً ـ عن شخص لا لعدله، وإنما لعجزه وضعفه، كما قال رجل يذم قبيلته:
قُبَيِّلةٌ لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
فنفى عن قبيلته الظلم، لكن لمَّا كان هذا النفي نفياً صرفاً غير متضمن لمعنى ثبوتي كان ذماً لها، فهو أراد أن يعبر عن ضعف قبيلته، وأنها ليس عندها قدرة ولا قوة على حمل السلاح ومقاومة الناس، فقال: قُبيلة تصغيراً لهم، ونفى عنهم الظلم لعجزهم عنه، لا لكمال عدلهم. فقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ينام " ليس نفياً صِرفاً، بل هو متضمن لإثبات كمال الضد، وهو كمال الحياة والقيومية كما قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} ، كما أنَّ في نفي الظلم إثبات كمال العدل، وفي نفي اللغوب ـ وهو التعب ـ إثبات كمال القوة والقدرة، وفي نفي العجز إثبات كمال القوة