رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} " وهي بمعنى الآية السابقة، أي: الكل هالك، والباقي وجه الله.
وقد شوَّش بعض المبتدعة على الناس، فقالوا: لو أثبتنا من هذه الآية الوجه، للزم من ذلك هلاك الذات ـ تعالى الله عما يقولون ـ؛ لأنه لم يُسْتَثنَ. وهذا من أسوء الفهم وأقبحه، وليس فيه توقير لله تبارك وتعالى ولا تعظيم لكلامه سبحانه، فإنَّ الآية دالة على ثبوت الوجه صفة له، وعلى بقائه سبحانه؛ لأن الإخبار عن بقاء المذوي بالجلال والإكرام دال على بقاء ذاته.
وبعضهم يقول في الوجه هنا وفي الآية التي قبله: إنه صلة أي: زائد، فيكون المعنى: كل شيء هالك إلا هو.
وقولهم هذا باطل؛ لأنك لو تأملت لوجدت أنَّ البقاء أضيف إلى الوجه، والوجه أضيف إلى الذات، ثم نعت بـ: {ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} ، فهو صفة للوجه، إذ لو كان صفة للرب لقال تبارك وتعالى: " ذي الجلال والإكرام ". فكيف يقال في شيء وصف في الآية بصفتين: الجلال والإكرام بأنه شيء زائد. فالوصف هنا: {ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} وصفٌ لوجه الرب تبارك وتعالى، وقد وصف الله نفسه سبحانه في آيات أخرى بالجلال والإكرام. وفي الجلال معنى الكمال والعظمة، وفي الإكرام معنى الحسن والجمال والبهاء.
وقد اقتصر المصنف ـ رحمه الله ـ على ذكر هاتين الآيتين في إثبات هذه الصفة، وإلا فالآيات الدالة على ثبوتها في القرآن كثيرة.
ثم أورد المصنف ـ رحمه الله ـ دليلاً على إثبات صفة الوجه من السنة، فقال: " وروى أبو موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جنات الفردوس