أَسْمَعُ وَأَرَى} 1 كيف يسمع ويرى؟ أجيب بهذا الجواب بعينه، فقيل له: السمع والبصر معلوم، والكيف غير معقول. وكذلك من سأل عن العلم والحياة والقدرة والإرادة والنزول والغضب والرضى والرحمة والضحك وغير ذلك، فمعانيها كلُّها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقُّل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معقول للبشر، فكيف يعقل لهم كيفية الصفات؟!
والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله"صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تُثْبِتُ له الأسماء والصفات وتَنفي عنه مشابهة المخلوقات. فيكون إثباتك منزَّهاً عن التشبيه، ونفيُك منزَّهاً عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل، ومن شبَّهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثل، ومن قال: استواء ليس كمثله شيء فهو الموحِّد المنزه " 2.
" وروى أبو هريرة"رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى "
هذا هو النوع الثالث من أنواع أدلة العلو: التصريح بأنَّه سبحانه في السماء. وقد جاء في القرآن، قال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 3.
و" في السماء" تحتمل أحد معنيين، إما أن يكون المراد بها المبنية كقول الله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} 4، أو مطلق العلو كما في قوله