"الاستواء غير مجهول"يعني: معلوم المعنى عند من يعرف اللغة العربية؛ معناه: العلو والارتفاع، أي لا يجهل معناه أحد يعرف اللغة.
"والكيف غير معقول"أي الكيف الذي تسأل عنه مجهول. ولم يقل معدوم. وفي هذا فائدة أن صفة الله لها كيفية لكننا نجهلها. ففرق بين أن يقال: الكيف معدوم، والكيف مجهول. فالكيف مجهول يعني أنه ثابت لله، وأن صفة الله لها كيفية؛ فإن ما لا كيفية له لا وجود له، لكن النفي هنا لعلمنا بالكيفية.
"والإقرار به إيمان والجحود به كفر": لفظ الإمام مالك:"والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
الإيمان به يعني الاستواء. والسؤال عنه أي: عن كيفية الاستواء: بدعة. ثم أمر بإخراج الرجل من ذلك المكان.
هذا الذي قاله مالك رحمه الله تستطيع أنَّ تقوله في كلِّ صفة. مثلاً لو قال قائل: قال"صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا " 1 كيف ينزل؟ تقول: النزول: معلوم أي معلوم المعنى، وكيفيته: مجهولة، والإيمان به: واجب، والسؤال عنه: بدعة.
وكذلك لو قال قائل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} كيف يداه؟ يقال: اليدان: معلومتان، وكيفيتهما: مجهولة، والإيمان بهما: واجب، والسؤال عن كيفيتهما: بدعة.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: " وهذا الجواب من مالك رضي الله عنه شاف، عام في جميع مسائل الصفات، فمن سأل عن قوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا