بعد أن فرغ المصنف ـ رحمه الله ـ من ذكر النوع الأول من الأدلة على علو الله، وهو: التصريح بالاستواء على العرش شرع بذكر النوع الثاني: وهو التصريح بالفوقية.
وقد جاء هذا النوع من الأدلة في القرآن والسنة، كما قال الله تبارك وتعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} 1، وقال سبحانه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 2.
وحديث أبي هريرة الذي أورده المصنف فيه التصريح بفوقية الله تبارك وتعالى على عرشه، والشاهد فيه قوله: وهو" عنده فوق العرش " عنده أي عند الله فوق العرش.
والحديث مشتمل ـ إضافة إلى دلالته على فوقية الله تبارك وتعالى على خلقه ـ على ذكر صفتين، وهما الرحمة والغضب، في قوله:"إن رحمتي سبقت ـ وفي رواية غلبت ـ غضبي".
كما أنه أحد الأدلة التي استدل بها أهل العلم على التفاضل بين صفات الله تبارك وتعالى، فقد بيَّن سبحانه أنَّ رحمته سبقت غضبه وغلبته، وهو دليل على أن الرحمة أفضل.
ومن الأدلة ـ أيضاً ـ على التفاضل: قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه في سجوده: " اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " 3 والمستعاذ به أفضل من المستعاذ منه، والكلُّ صفة لله تبارك وتعالى 4.
وروى العباس بن عبد المطلب "رضي الله عنه" أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر