ولا تمثيل. ولو قارنت بين هذا وبين ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية 1، وما يذكره أئمة السلف في كتب العقيدة، تجده كله على نسق واحد؛ لأنَّه كلَّه مأخوذ من مشكاة واحدة.
" ووسعتهم السنة المحمدية" وسعتهم: أي كفتهم السنة، يعني وجدوا فيها الكفاية والغنية والشفاء، فلم يحتاجوا إلى غيرها، ولم يتجاوزوها إلى ما سواها.
كان أحد السلف في مناظرة مع أحد المتكلمين، في شيء يتعلق بالصفات، فقال: هذا الذي تقوله، هل علمه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل علمه الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ أم هو شيء علمته أنت ولم يعلمه هؤلاء وادُّخِرَ لك دونهم؟
إنْ قال: علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه الصحابة فيطالب بالبيان، أين ما يدل على ذلك في الأحاديث، وأين ما يدل على ذلك في كلام الصحابة.
وإن قال: لم يعلموه، فيكون ادعى لنفسه شيئاً ادُّخِر له لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه. وفي أثناء المناظرة قال له: ألا يسعك ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم، وما وسع أصحابه. فالصحابة رضوان الله عليهم وسعهم القرآن، ووسعتهم السنة، ووجدوا فيهما الكفاية والغنية.
ومما يدل على هذا المعنى في القرآن: قول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) 2، فالقرآن فيه الكفاية والغنية.