بالرحمة.
" أنَّ الإسلام وأهله أُتوا من طوائف ثلاث " أي أنَّ الخلل والانحراف الذي وُجد في باب الصفات إنما وُجِد بسبب طوائف ثلاث، بيَّن مذاهبها فقال:
1ـ " فطائفة ردت أحاديث الصفات وكذبوا رواتها، فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار " ونتيجة قول هؤلاء: تعطيل الرب ونفي وجوده؛ لأنَّه إذا عطلت الصفات بقي الموصوف عدماً؛ لأنَّ نفي الصفات عن الله تبارك وتعالى وصف له بالعدم. وضررهم على الإسلام من هذه الجهة ومن جهة أنَّ أقاويلهم تُنشر على أنَّها من الإسلام، أما الكفار فالمفاصلة بينهم وبين أهل الإسلام موجودة، وكراهية ما عندهم والحذر منهم قائم في نفوس المسلمين.
2ـ " وأخرى قالوا بصحتها وقبولها " أي: صححوا هذه الأحاديث، وقالوا: نثبتها ولا نكذب بها.
" ثم تأولوها " أي: صرفوها عن معناها ودلالتها. فالمراد بالتأويل هنا تحريف نصوص الصفات بصرفها وإمالتها عن مقصودها والمراد منها. والتحريف تعطيل؛ لأنَّ من حرف الصفة وصرفها عن معناها عطل صفة الرب التي دلت عليها تلك النصوص.
" فهؤلاء أعظم ضرراً من الطائفة الأولى " فإنَّ تكذيب أولئك بالأحاديث يعطي من يستمع إليهم من الناس توقفاً وحذراً منهم. أمَّا هؤلاء فلم يكذِّبوا بها، بل قالوا: نؤمن بها ولا نجحدها. لكنَّهم تأولوها وصرفوها عن دلالتها فالتقوا مع أولئك في النتيجة وهي التعطيل.
3ـ " والثالثة: جانبوا القولين الأولين " أي جانبوا قول المكذبين بالأحاديث، وقول المحرفين لها.