ثبتت الشفاعة في نصوص كثيرة وأحاديث عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والإيمان بها هو من جملة الإيمان بالأمور المغيبة، كالصراط والحوض والدواوين والميزان وغير ذلك من أحوال يوم القيامة وأموره التي دل عليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والإيمان بذلك كلِّه من الإيمان بالغيب الذي امتدح الله عز وجل أهله بقوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} 1 أي: الذين يؤمنون بما غاب عنهم مما أخبرتهم به رسل الله.
والشفاعة في اللغة مأخوذة من الشفع: وهو ضد الوتر، وسميت بذلك لضم الشافع دعاءه إلى المشفوع له؛ فالمشفوع له دعا لنفسه، ثم دعا له الشافع فكان ذلك شفعاً. وعليه يكون تعريف الشفاعة: طلب الخير للغير.
والشفاعة التي تكون يوم القيامة أنواع عديدة، منها ما هو مختص بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو عام له وللأنبياء والصالحين من عباد الله.
فأما الشفاعات المختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهي:
1ـ الشفاعة العامة أو الشفاعة الكبرى:
وهذه الشفاعة لا ينكرها أحد من المنتسبين إلى الإسلام، وهي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف عندما يقفون قياماً لله رب العالمين ينتظرون الجزاء والحساب، وتدنو الشمس من الخلائق ولا يدري كلُّ واحد منهم ما مآله وما مصيره، فلما يطول مكثهم ويشتد تعبهم يأتون إلى الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا عند الله بأن يبدأ بالحساب، فيأتون آدم فيعتذر ويحيلهم إلى نوح، فيعتذر ويحيلهم إلى إبراهيم، فيعتذر ويحيلهم إلى موسى، فيعتذر ويحيلهم إلى عيسى، فيعتذر ويحيلهم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها. ثم يسجد