المروي عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في هذا الباب مثل ما هو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه، إمَّا روايات مطلقة، قال فيها: " رأى ربه "، أو روايات مقيدة بفؤاده. وعلى هذا فتحمل الرواية المطلقة على المقيدة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ وهو العارف المستقرئ لكلام الإمام أحمد ـ:""وكذلك الإمام أحمد تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: رآه بفؤاده. ولم يقل أحد إنَّه سمع أحمد يقول: رآه بعينه. لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين " 1.
" بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"" رأيت ربي عز وجل " " إن كان المقصود بهذا حديث ابن عباس الذي استدل به الإمام أحمد في رواية عبدوس فقد سبق الكلام عليه. وإن كان المقصود حديث:""رأيت ربي في أحسن صورة " فهذه رؤية منامية وليست يقظة كما قرر ذلك أهل العلم. يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:""وكلام أحمد يصدق بعضه بعضاً، والمسألة رواية واحدة عنه؛ فإنَّه لم يقل بعينه، وإنما قال: " رآه ". واتبع في ذلك قول ابن عباس: " رأى محمد ربه ". ولفظ الحديث:""رأيت ربي " وهو مطلق، وقد جاء بيانه في الحديث الآخر. ولكن في رد الإمام أحمد قول عائشة ومعارضته بقول النبي صلى الله عليه وسلم إشعار بأنَّه أثبت الرؤية التي أنكرتها عائشة، وهي لم تنكر رؤية المنام، ولم تقل: من زعم أنَّ محمداً رأى ربه في المنام فقد أعظم على الله الفرية. وهذا يدل على أحد أمرين: إمَّا أن يكون الإمام أحمد أنكر قول من أطلق نفي الرؤية؛ إذ هو مخالف للحديث. وإمَّا أن يكون رواية عنه بإثبات الرؤية، وقد صرح بأنَّه رآه