هذا الأثر عن علي رضي الله عنه، وكذلك عدة آثار عن الصحابة ـ روى جملة منها اللالكائي في شرح الاعتقاد ـ فيها التنصيص على أن القرآن غير مخلوق، لكن لم يثبت منها شيء، ولم يكن في زمانهم حاجة إلى التنصيص على هذه الكلمة، لكن لما ظهرت بدعة الجهمية ونشأت مقالتهم احتاج الناس إلى هذه الكلمة، وباتت جزءً من المعتقد كما أسلفت.
ولهذه الكلمة نظائر في باب المعتقد، فمنها كلمة: " بائن من خلقه " فقد أصبحت جزءً من المعتقد، والسبب في ذلك أنه وُجِد من يقول أنا مؤمن بأنَّ الله مستو على عرشه ولكن الاستواء هو الاستيلاء، فاحتاج السلف ـ رحمهم الله ـ إلى هذه الكلمة لرد بدعة هؤلاء، فمن لم يؤمن بأن الله بائن من خلقه لم يؤمن بأنَّ الله على عرشه، ومعنى بائن من خلقه: أي ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته.
" وقال عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود: القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود "
وهذه الكلمة تنقل عن السلف ـ رحمهم الله ـ بكثرة، بل إنها محل إجماع بينهم، ودلائلها في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة.
" منه بدأ " أي أنه هو سبحانه الذي تكلم به ابتداءً، ومن سواه ـ كجبريل والرسول صلى الله عليه وسلم وحملة القرآن من الأمة ـ إنما هم نقلة له، وسمعه منه جبريل عليه السلام وبلغه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمة.
والسلف ـ رحمهم الله ـ لما قالوا: " منه بدأ " أرادوا إبطال قول المعتزلة وغيرهم ممن ينكرون أنَّ القرآن كلام الله عز وجل، ويزعمون أنَّ الله عز وجل خلق الكلام في اللوح المحفوظ أو خلقه في جسم من الأجسام، وأخذه جبريل منه. وهذا معناه أنَّ القرآن بدأ من اللوح أو من ذلك الجسم، وهو ضلال