من قال: إنَّ العقيدة لا يحتج فيها بخبر الآحاد المعتزلة، وإنما أتوا بهذا التقرير الفاسد ليجعلوه متكأً لهم في رد ما لا يوافق عقولهم وأهواءهم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف هذا القول عن أحد من أهل السنة؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث معاذاً وحده إلى اليمن 1 ليعلم الناس العقيدة والعبادة وكلَّ شيء، وهو رجل واحد. وهذا دليل من جملة أدلة كثيرة استدل بها أهل العلم على صحة الاحتجاج بخبر الواحد في الاعتقاد، وقد سبق أن نبه المصنف ـ رحمه الله ـ على هذا الأمر بقوله: " وصح عن رسوله بنقل العدل عن العدل ".

وأحاديث الرؤية متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما سمعها الصحابة رضوان الله عليهم أمروها كما جاءت، وآمنوا بها كما وردت، ولا يعرف عن صحابي واحد أنَّه انتقد أو اعترض أو حرَّف أو أوَّل شيئاً منها ـ وحاشاهم من ذلك ـ، وإنما وُجِدت هذه المناهج في أهل الأهواء والبدع فيما بعد.

" وأجمع أهل الحق، واتفق أهل التوحيد والصدق " وهذا محل إجماع، ولم يخالف فيه إلا أهل البدع من المعتزلة ومن تأثر بهم، ولا عبرة بمخالفتهم.

" أنَّ الله تعالى يُرى في الآخرة " وهذا فيه أنَّ الرؤية إنما تكون في الآخرة، وأمَّا الدنيا فمهما بلغ العبد من الإيمان فلن يرى الله، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا"2. وهذا محل إجماع عند أهل السنة، وليس في هذه المسألة خلاف، إلا فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة هل رأى ربه أو لم يره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015