. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَسْقَطَ بَعْضَ شُيُوخِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقَ مِنْ صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنِصْفٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، ثَنَا مُجَاهِدٌ، «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، الْحَدِيثَ.»
قَالَ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ بَعْضِهِمْ، وَإِيرَادُ كُلِّ الْحَدِيثِ عَنْ بَعْضِهِمْ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ حَدَّثَ عَنِ الْمَذْكُورِ بِبَعْضِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، فَأَمَّا إِذَا بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا بَعْضَ الْحَدِيثِ كَمَا فَعَلَ الْبُخَارِيُّ هُنَا فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ.
وَقَدْ بَيَّنَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ الْبَعْضَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَمْرٌو، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، أَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: أَبَا هِرَّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ، إِلَيَّ، قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا انْتَهَى» .
فَهَذَا هُوَ بَعْضُ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الرِّقَاقِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخَذَهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ وِجَادَةً أَوْ إِجَازَةً، أَوْ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ آخَرَ غَيْرَ أَبِي نُعَيْمٍ، إِمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى اتِّصَالِ بَعْضِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَلَكِنْ مَا مِنْ قِطْعَةٍ مِنْهُ إِلَّا وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِالسَّمَاعِ، إِلَّا الْقِطْعَةَ الَّتِي صَرَّحَ فِي الِاسْتِئْذَانِ بِاتِّصَالِهَا.