بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ أَسْبَابَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَيْهِ مَوْصُولَةً، وَرَفَعَ مَقَامَ الْوَاقِفِ بِبَابِهِ، وَآتَاهُ مُنَاهُ وَسُؤْلَهُ، وَأَدْرَجَ فِي زُمْرَةِ أَحْبَابِهِ مَنْ لَمْ تَكُنْ نَفْسُهُ بِزَخَارِفِ الْمُبْطِلِينَ مَعْلُولَةً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً بِرِدَاءِ الْإِخْلَاصِ مَشْمُولَةً، وَلِلْمَلَكُوتِ الْأَعْلَى صَاعِدَةً مَقْبُولَةً، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي بَلَغَ بِهِ مِنْ إِكْمَالِ الدِّينِ مَأْمُولَهُ، وَآتَاهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَنَطَقَ بِجَوَاهِرِ الْحِكَمِ، وَفَاحَتْ مِنْ حَدَائِقِ أَحَادِيثِهِ فِي الْخَافِقَيْنِ شَذَا أَزْهَارِهَا الْمَطْلُولَةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الْأُصُولِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَمْجَادِ الْمَأْثُولَةِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ رَفِيعُ الْقَدْرِ، عَظِيمُ الْفَخْرِ، شَرِيفُ الذِّكْرِ، لَا يَعْتَنِي بِهِ إِلَّا كُلُّ حَبْرٍ، وَلَا يُحْرَمُهُ إِلَّا كُلُّ غَمْرٍ، وَلَا تَفْنَى مَحَاسِنُهُ عَلَى مَمَرِّ الدَّهْرِ، وَكُنْتُ مِمَّنْ عَبَرَ إِلَى لُجَّةِ قَامُوسِهِ، حَيْثُ وَقَفَ غَيْرِي بِشَاطِئِهِ، وَلَمْ أَكْتَفِ بِوُرُودِ مَجَارِيهِ، حَتَّى بَقَرْتُ عَنْ مَنْبَعِهِ وَمَنَاشِئِهِ، وَقُلْتُ لِمَنْ عَلَى الرَّاحَةِ عَوَّلَ، مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ الْأَوَّلِ:
لَسْنَا وَإِنْ كُنَّا ذَوِي حَسَبٍ ... يَوْمًا عَلَى الْأَحْسَابِ نَتَّكِلُ