على ذلك الواقع، وتكلم به لشدة غضبه، ويُستأنس لذلك أنه لو كان القذف صريحاً، والمقذوف سالماً، لذهب وشكاه إلى الوالي، والحدودُ يومئذ قائمة.
وأبو الزبير قد أجاب عن نفسه بقوله: إنه أغضبني. فلشدَّة الغضب جرت على لسانه وهو لا يشعر كلمةٌ مما اعتاد الناس النطقَ بها. ثم إنَّ هذه الغلطة لا ينبغي أن تُهْدَر مئات الأحاديث التى رواها، مع كمال صدقه، وحفظه، وضبطه. والظاهر من حالِه وما ثبتَ لدى جمهور الأئمة من عدالته أنه تابَ عنها في الوقت. ا. هـ مُلخصاً من كلام المعلمي.
وأما الرابعة: وهو أن كان بزيِّ الشُرَط.
وعبارته: قال شعبة لعيسى بن يونس: يا أبا عمير، لو رأيت أبا الزبير، لرأيت شرطيّاً بيده خشبة! فقيل له: ما لقي منك أبو الزبير!!.
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» وابن عدي في «الكامل».
ومراد شعبة أنه ليس من أهل الحديث، وليس قوله مما يجرح به.
وعلى كلٍ فقد اشتهر شدة شعبة على أبي الزبير، ولم يقبل الأئمةُ قدحَه فيه، ولم يلتفتوا إليه كما سبق في كلام ابن عبد البر.
- وقد انتُقد أبو الزبير بأمرٍ واحدٍ صحيح عنه، وهو التدليس، وهذه المسألة مما طال البحث فيها بين أهل العلم، وممن جمع فيها، فأكثر وأجاد، أبو الطيب نايف بن صلاح المنصوري
في كتاب «إتحاف الذكي بمنهج الأئمة المتقدمين والمتأخرين في عنعنة أبي الزبير المكي» [مجلد (159) صفحه].
وصفه النسائي بالتدليس، والتوقُّف في عنعنته، وأورده في رسالته في «المدلسين».
وقال في «السنن الكبرى» (2/ 442) (2112)، بعد أن ساق حديثاً من طريق أبي الزبير، عن جابر بالعنعنة: (فإذا قال: سمعت جابراً، فهو صحيح، وكان يدلِّس ... ).