والطهارة ويديم الصوم والتقشّف ويعتصم بعبادة الله تسبيحا وتمجيدا ويديم إخطار «اوم» التي هي كلمة التكوين والخلق على قلبه دون التكلّم به، وذلك أنّ ترك الإماتة في الحيوان هو نوع جنسه الكفّ عن الإيذاء والإضرار، ويدخل فيه اغتصاب ما للغير والكذب بعد ما فيه من القبح والنذالة، وفي ترك الادّخار نفض التعب والأمان من طالب الفضلة وحصول الراحة من ذلّ الرّقّ بعزّ الحرّيّة، وفي لزوم الطهارة وقوف على قذر البدن وداعية إلى بغضه وحبّ النفس الطاهرة، وفي تعذيب النفس بالتقشّف تلطيفه وتسكين شرّته وتذكية حواسّه، كما قال «فيثاغورس» لرجل ذي عناية بإخضاب بدنه وإنالته الشهوات: إنك غير مقصّر في تشييد محبسك وتقوية رباطك وإيثاقه، وفي الاعتصام بذكر الله تعالى والملائكة تألّف معهم ففي كتاب «سانك» : إنّ كلّ شيء يظنّه الإنسان غاية له فإنّه لا يتعدّاه، وفي كتاب «كيتا» : كلّ ما أدام الإنسان التفكّر فيه والتذكّر له فمنطبع فيه حتى أنّه يهدى به من غير قصد ولأنّ وقت الموت هو وقت التذكّر لما يحبّه فإذا فارق الروح البدن اتّحد بذلك الشيء واستحال إليه، وكلّ ما له ذهاب وعود فالاتّحاد به ليس بالخلاص الخالص، على أنه قيل في هذا الكتاب: إنّ من عرف عند موته أنّ الله هو كلّ شيء ومنه كلّ شيء فإنّه متخلّص وإن قصرت رتبته عن رتب الصدّيقين، وفيه أيضا: اطلب النجاة من الدنيا بترك التعلّق بجهالاتها وإخلاص النّية في الأعمال وقرابين النار لله من غير طمع في جزاء ومكافاة واعتزال الناس الّذي حقيقته أن لا تفضل واحدا لصداقة على آخر لعداوة وتخالف الغفلة في النوم وقت انتباههم والانتباه وقت رقادهم فإنّه عزلة عنهم على شهادة «1» معهم، ثم حفظ النفس عن النفس فإنّها العدوّ إذا اشتهت ونعم الولي إذا عفّت، وقد قال سقراط عند قلّة اكتراثه بالقتل وفرحه بالوصال إلى ربّه: ينبغي ان لا تنحطّ رتبتي عند أحدكم عن رتبة «قوقنس» «2» الّذي يقال إنّه طائر «آبلون الشمس» وإنّه يعلم الغيب لذلك وإنّه إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015