كما أنّ الشهادة بكلمة الإخلاص شعار إيمان المسلمين والتثليث علامة النصرانيّة والإسبات علامة اليهوديّة كذلك التناسخ علم النحلة الهنديّة فمن لم ينتحله لم يك منها ولم يعدّ من جملتها فإنّهم قالوا: إنّ النفس إذا لم تكن عاقلة لم تحط بالمطلوب إحاطة كلّيّة دفعة بلا زمان واحتاجت إلى تتّبع الجزئيّات واستقراء الممكنات وهي وإن كانت متناهية فلعددها المتناهي كثرة والإتيان على الكثرة مضطرّ الى مدّة ذات فسحة ولهذا لا يحصل العلم للنفس إلّا بمشاهدة الأشخاص والأنواع وما يتناوبها من الأفعال والأحوال حتّى يحصل لها في كل واحد تجربة وتستفيد بها جديد معرفة، ولكنّ الأفعال مختلفة بسبب القوى وليس العالم بمعطّل عن التدبير وإنّما هو مزموم وإلى غرض فيه مندوب فالأرواح الباقية تتردّد لذلك في الأبدان البالية بحسب افتنان الأفعال إلى الخير والشرّ ليكون التردّد في الثواب منبها على الخير فتحرص على الاستكثار منه وفي العقاب على الشرّ والمكروه فتبالغ في التباعد عنه ويصير التردّد من الأرذل إلى الأفضل دون عكسه لأنّه يحتمل كليهما ويقتضي اختلاف المراتب فيهما لاختلاف الأفاعيل بتباين الأمزجة ومقادير الازدواجات في الكمّيّة والكيفيّة، فهذا هو التناسخ إلى أن يحصل من كلتي جنبتي النفس والمادّة كمال الغرض أمّا من جهة السفل ففناء ما عند المادّة من الصورة إلّا الإعادة المرغوب عنها وأمّا من جهة العلوّ فذهاب شوق النفس بعلمها ما لم تعلم