وأمّا المستبدع من رسومهم فمعلوم أنّ غرابة الشيء تكون لعزّة وجوده وقلّة الاعتياد في مشاهدته وأنّ ذلك إذا أفرط صار نادرة وآبدة ثمّ تشتدّ الأعجوبة ممّا هو خارج عن العادات الطبيعيّة فيكون مستحيل الكون قبل المشاهدة، وفي سير الهند ما يخالف رسوم أهل بلادنا في زماننا مخالفة تصير بها عندنا أعجوبة ويخيّل إلينا منهم في قلبها تعمّد فإنّ تساوينا معا في هذا العكس ونسبته إلى الغير؛ فمنها أنّهم لا يحلقون شيئا من الشعر وأصلهم العري لشدّة الحرّ كيلا تعلّي رؤوسهم بالانكشاف، ويضفرون اللحي ضفائر صيانة لها، ويعملون «1» في ترك شعر العانة أنّ حلقها مهيّج للشهوة زائد في البليّة ثمّ لا يحلقها المولع منهم بالباءة الحريص على المباضعة، ويطوّلون الأظفار فخرا بالتعطّل فانّ المهن لا تتأتّي معها واسترواحا إليها في حكّ الرأس وفلي الشعر، ويأكلون أوحادا فرادى على مندل السرقين ولا يعودون إلى ما فضل من الطعام ويرمون بأواني المأكول إذا كانت خزفيّة، ويحمّرون الأسنان بمضغ الفوفل بعد تناول ورق التنبول والنورة، ويشربون الخمر على الريق ثم يطعمون، ويحسون بول البقر ولا يأكلون لحمها، ويضربون الصنوج بمضراب، ويتسرولون بالعمائم ثم المفرّط منهم يكتفي من اللباس بخرقة قدر إصبعين يشدّها على عورته بخيطين والمفرط يلبس سراويل محشوّة بقطن يكفي عدّة لحف وبرادع مسدودة «2» المنافذ لا يبرز منها القدمان والتكّة إلى خلف، وصدرهم بالسراويل أشبه ومشدّها بالشفاسق نحو الظهر، ويشقّون أذيال القراطق الى اليمين واليسار، ويضيّفون الخفاف حتى يبتدأ في لبسها وهي مقلوبة من السوق قبل الأقدام، ويبتدئون في الغسل بالرّجل قبل الوجه، ويغتسلون ثمّ يجامعون، ويقفون في الباءة كعريش الكرم، والنساء يرهزن عليهم من تحت إلى فوق كما يقمن بأمور الحراثة وأزواجهنّ في راحة،