وفي الشروط وصور العقارات، وفيها تكون نموذجات للنقوش، ومنها تكون خرائط البرد، وهن أصلح للجرب، ولعفاص الجرة، وسداد القارورة. وزعمت أن الأرضة إلى الكاغد أسرع، وأنكرت أن تكون الفأرة إلى الجلود أسرع، بل زعمت أنها الكاغد أسرع وله أفسد، فكنت سبب المضرة في اتخاذ الجلود والاستبدال والكاغد، وكنت سبب البلية في تحويل الدفاتر الخفاف في المحمل إلى المصاحف التي تثقل الأيدي، وتحطم الصدور، ونقوش الظهور، وتعمى الأبصار".
ويقول الجاحظ في الحيوان1: "وقيل لابن داحة وأخرج كتاب أبي الشمقمق، وإذا هو في جلود كوفية ودفتين طائفيتين بخط عجيب، فقيل له: لقد أضيع من تجود بشعر أبي الشمقمق! فقال: لا حرم والله، وإن العلم ليعطيكم على حساب ما تعطونه، ولو استطعت أن أودعه سويداء قلبي أو أجعله محفوظا على ناظري لفعلت! ".
فهذا كله آية على أن الجلودكانت مستعملة في العراق وما جاوره في كتابة دواوين العلم، إلى القرن الثالث الهجري، ودليل على أن الورق لم يحل محلها بصفة قاطعة.
ويروون أن الشافعي كان كثيرًا ما يكتب الرسائل على العظام لقلة الورق2. أما في مصر فإن ورق البردي كان هو المادة الشائعة في الكتابة إلى أن حلت الجلود ثم الأوراق محلها.
الوراقون:
فرغنا من الحديث في الورق، ثم نفرغ للكلام على الوراقين.