وفيه نظر على النسختين معًا؛ إذ لا يلزم من كونه لا مجال للعقل فيه بحسن أو قبح ألا يحكم فيه بالإباحة.

احتج المبيح: بأن الله تعالى خلق العبد وخلق ما ينتفع به, فالحكمة تقتضي إباحه له, تحصيلًا للمقصود من خلقهما, وإلا كان عبثًا.

أجاب: بالمعارضة بأنه ملك الغير فيحرم, وأيضًا لا يلزم من عدم الإباحة عبث؛ لأنه ربما خلقها ليشتهيها فيصبر عنها فيثاب عليها.

واعلم أن المعارض مرفوعة بما تقدم, مع أنها تنافي تسليم المصنف الإباحة بمعنى لا حرج, وإنما قال: فالحكمة تقتضي الإباحة, توهمًا أنه لو قال: فالفعل يقتضي الإباحة, خرج عن موضوع المسألة, ولسي كذلك لما عرفت. ثم استفسر القائل بالوقف, فقال: إن توقف على الحكم لتوقف الحكم على السمع فهو حق, وإن توقف لتعارض الأدلة ففاسد, لأنا تبينا بطلانها فلا تعارض.

والحق أن الوقف لتوقف الحكم على السمع باطل, إذ الحكم قديم فلا يتوقف تعلقه على البعثة, نعم الوقف لتوقف العلم صحيح؛ إذ للواقف أن يقول: أردت أن ثمَّ حكمًا بأحدهما في نفسه, فالبعض مباح والبعض محظور ولا أدري أيهما هو الفعل المعني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015