والاصطلاء بناره, والله تعالى منزه عن الضرر, ولو سلّم أنه حرام عقلًا مطلقًا لجواز تضرر المتصرف آجلًا, فمعارض بما في المنع من الضرر الناجز ودفعه عن النفس واجب عقلًا, مع أن اعتبار الحاضر أولى.

لا يقال: فرض تضرره في الحال يصيرها مما يقضي العقل فيها بقبح, فيخرج عن محل النزاع.

لأنا نقول: المراد بالضرر الناجز جوازه لا الجزم بتحقق الضرر الناجز؛ لأن العقل وإن لم يجزم فيها بقبح لكن لا يجزم بعدم احتمال الضرر الناجز.

ثم استفسر المصنف المبيح فقال:

إن أردت لا حرج في الفعل ولا حرج في الترك فمُسلّم, إذ الحرج إنما يحصل من الشرع ولا شرع, وإن أردت خطاب الشرع بذلك, فالفرض أنه مما لا يحكم العقل فيه بحسن ولا قبح في حكم الشارع, وذلك معنى عدم حكم العقل بحسنه أو قبحه, وقد فرضته كذلك فيتناقض, هذا على النسخ التي فيها «وإن أراد خطاب الشارع فالفرض أنه لا مجال للعقل فيه» , وعلى النسخ التي فيها «وإن أراد خطاب الشرع فلا شرع» , أي وإن أراد الإذن الشرعي فلا إباحة قبل الشرع, إذ لا شرع, وإن أراد بالإباحة حكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك فلا إباحة أيضًا, إذ الفرض أنه من الأفعال التي لا مجال للعقل فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015