أقول: لما فرغ من التراجيح في الأمارات، شرع في التراجح في الحدود.
قيل: وهو يخالف قوله في تعريف الترجيح: (اقتران الأمارة ... إلى آخره)، إلا أن يريد بالأمارة ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى الظن بمطلوب.
قلت: الظاهر أنه [قسيم] للترجيح في الأمارات، فلا يتناوله ذلك التعريف، غذ الراجح والمرجوح المراد بهما هنا الدلالة على شيء واحد، بخلاف الأمارتين، فإن مدلوليهما في الترجيح متناقضان.
والحدود منها عقلية كتعريفات الماهيات، ومنها سمعيات كتعريفات الأحكام، وهذا هو الذي يعني به صاحب هذا الفن، فمنها ما يرجح إلى نفس الحدود، ومنها ما يرجع إلى أمر خارج، ومنها ما يرجع إليهما.
الأول: يرجح الذي بألفاظ صريحة على ما هو باستعارة، أو فيه مجاز مشهور، أو غير مشهور إلا أن معه قرينة.
ويرجح –أيضا- إذا كان المعرف في أحدهما أعرف منه في الآخر، فالحسي والعقلي مقدمان على العرفي والشرعي، لشدة المعرفة بالحسي ثم بالعقلي، وإذا كان أحدهما بالذاتبات والآخر بالعرضيات، قدم ما كان بالذاتيات.