الِاسْتِشْهَادِ قُبِلَتْ وَمَا صَحَّ أَنَّهُ خَبَرُ الشُّهُودِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَمَنْ شَهِدَ لِيَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ بِزَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهَا فَيُسَنُّ لَهُ إعْلَامُهُ لِيَسْتَشْهِدَ بِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ (تَنْبِيهٌ) .

قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ رَدُّ الْمُبَادِرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِجَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا لَا فَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَ مَالِ مَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَحْجُورٍ وَغَائِبٍ وَأَخْرَسَ لَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ فِي حَاجَتِهِمْ وَلَهُمْ بَيِّنَةٌ بِهَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَنْصِبُ مَنْ يَدَّعِي لَهُمْ ذَلِكَ وَيَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ الْأَدَاءَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْأَدَاءُ قَبْلَ الطَّلَبِ وَكَذَا مُدَّعِي الْوَكَالَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ وَلِي بَيِّنَةٌ وَيَسْأَلُهُ الْأَدَاءَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحُضُورِ الْخَصْمِ وَيَأْتِي قَرِيبًا زِيَادَةٌ لِذَلِكَ (فَرْعٌ) .

لَا يَقْدَحُ فِيهِ جَهْلُهُ بِفُرُوضِ نَحْوِ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ يُؤَدِّيهِمَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَلَا تَوَقُّفُهُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ إنْ عَادَ وَجَزَمَ بِهِ فَيُعِيدُ الشَّهَادَةَ وَلَا قَوْلُهُ لَا شَهَادَةَ لِي فِي هَذَا إنْ قَالَ نَسِيت أَوْ أَمْكَنَ حُدُوثُ الْمَشْهُودِ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَدْ اُشْتُهِرَتْ دِيَانَتُهُ وَيَنْبَغِي قَبُولُ دَعْوَى مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ النِّسْيَانُ حَيْثُ اُحْتُمِلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ شَهِدَ بِعَقْدِ بَيْعٍ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ كَوْنَهُ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ قَالَ نَسِيت بَلْ هُوَ لَهُ وَحَيْثُ أَدَّى الشَّاهِدُ أَدَاءً صَحِيحًا لَمْ يُنْظَرْ لِرِيبَةٍ يَجِدُهَا الْحَاكِمُ كَمَا بِأَصْلِهِ وَيُنْدَبُ لَهُ اسْتِفْسَارُهُ وَتَفْرِقَةُ الشُّهُودِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ إجَابَتُهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ نَوْعُ غَفْلَةٍ تَوَقَّفَ الْقَاضِي وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْلَى اسْتِفْسَارُ شَاهِدٍ لَمْ يَعْلَمْ تَثَبُّتَهُ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ غَالِبُ شَهَادَةِ الْعَامَّةِ يَشُوبُهَا جَهْلٌ يُحْوِجُ لِلِاسْتِفْسَارِ، وَالْوَجْهُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا أَنَّهُ إنْ اُشْتُهِرَ ضَبْطُهُ وَدِيَانَتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِفْسَارُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ

. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) مَنْ احْتَسَبَ بِكَذَا أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ اعْتَدَّهُ يَنْوِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ قُبِلَ الِاسْتِشْهَادُ وَلَوْ بِلَا دَعْوَى بَلْ لَا تُسْمَعُ فِي الْحُدُودِ أَيْ: إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ كَسَرِقَةٍ قَبْلَ رَدِّ مَالِهَا. قَالَ جَمْعٌ: وَلَا فِي غَيْرِهَا لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ بُطْلَانَهَا أَوْجَبَ أَنَّهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُذْكَرْ فَكَأَنَّهُ حُكْمٌ بِغَيْرِ دَعْوَى وَهُوَ صَحِيحُ كُلِّ مُحْتَمَلٍ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: تُسْمَعُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِوَجْهٍ أَقْوَى وَكَفَى بِهَذَا حَاجَةً وَقَدْ تُنَاقِضُ فِي ذَلِكَ كَلَامَهُمَا فِي مَوَاضِعَ (فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) كَصَلَاةٍ، وَزَكَاةٍ، وَكَفَّارَةٍ، وَصَوْمٍ وَحَجٍّ عَنْ مَيِّتٍ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا وَحَقٍّ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ (وَفِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ بِأَنْ يَقُولَ حَيْثُ لَا دَعْوَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ رَجُلَانِ مَثَلًا لِثَالِثٍ تَوَسَّطَ بَيْنَنَا لِتُحَاسِبَ وَلَا تَشْهَدْ عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي فَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا جَرَى وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ زَادَ الْمُغْنِي قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَتَرْكُ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) كَذَا أَطْلَقُوا وَلَوْ قَيَّدَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي بِكَوْنِهِ مَشْهُورَ الدِّيَانَةِ لَمْ يَبْعُدْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتُقْبَلُ عَلَيْهِمَا وَمَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِهِ) أَيْ الْإِعْلَامِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا السِّتْرُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ طُلِبَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ طَلَبَ بَعْضُ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى حَالِ مَنْ يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ بَيِّنَةٌ بِهَا) أَيْ بِأَمْوَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَيَسْأَلُ) أَيْ مَنْصُوبُ الْقَاضِي رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ) أَيْ لِلشُّهُودِ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ فِي شَرْحِ وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لَا يَقْدَحُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: يُؤَدِّيهِمَا) أَيْ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ نِهَايَةٌ وَهَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ الشَّارِحِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: حُدُوثُ الْمَشْهُودِ بِهِ) أَيْ حُدُوثُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَوْلِهِ) أَيْ لَا شَهَادَةَ لِي فِي هَذَا. (قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ كَوْنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ. (قَوْلُهُ: مَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا مُبَادِرَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ وَلَزِمَ الشَّاهِدَ الْإِجَابَةُ

. (قَوْلُهُ: مَنْ احْتَسَبَ) لِي قَوْلِهِ قَالَ جَمْعٌ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ إلَخْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَنْ احْتَسَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِنْ الِاحْتِسَابِ وَهُوَ طَلَبُ الْأَجْرِ سَوَاءٌ أَسَبَقَهَا دَعْوَى أَمْ لَا كَانَتْ فِي غَيْبَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي شُرُوطِهَا السَّابِقَةِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: بَلْ لَا تُسْمَعُ إلَخْ) أَيْ دَعْوَى الْحِسْبَةِ اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهَا أَسْنَى وَرَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الْحُدُودِ أَيْ إلَّا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِينَئِذٍ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ قَبْلَ رَدِّ مَالِهَا. اهـ. .

(قَوْلُهُ: قَبْلَ رَدِّ مَالِهَا) عِبَارَةُ الْأَسْنَى فَتُسْمَعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ جَمْعٌ وَلَا فِي غَيْرِهَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَاهَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْعِرَاقِيِّينَ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا فَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ إنَّهَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

وَيَعْنِي بِالْبَعْضِ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُوَافِقُهُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَيْ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تُسْمَعُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِسْبَةً عِبَارَةُ الْأَسْنَى؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي سَمَاعِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ) إلَى قَوْلِهِ وَنُوزِعَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَا عِبْرَةَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَجَمْعٌ مِنْ مَيِّتٍ وَقَوْلُهُ وَحَقٍّ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَا دَعْوَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِيمَا لَهُ) أَيْ فِي الَّذِي لِلَّهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَكَيْفِيَّةُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الشُّهُودَ يَجِيئُونَ إلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَحْوُ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ يُؤَدِّيهِمَا) أَيْ: وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ شَرْحُ م ر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015