حَيْثُ لَمْ تَصِلْ إلَى حَسَدٍ مُفَسِّقٍ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَكَذَا) تُقْبَلُ (عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ كَكَافِرٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ (وَمُبْتَدِعٍ شَهِدَ عَلَيْهِ سُنِّيٌّ) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لِأَجْلِ الدِّينِ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ عَنْهَا وَمَنْ أَبْغَضَ فَاسِقًا لِفِسْقِهِ أَوْ قَدَحَ فِيهِ بِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَفُلَانٍ لَا يُحْسِنُ الْفَتْوَى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ

. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ) كُلِّ (مُبْتَدِعٍ) هُوَ مَنْ خَالَفَ فِي الْعَقَائِدِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ إمَامَاهَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَأَتْبَاعُهُمَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعِ أَمْرٍ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِحُسْنِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا (لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ وَإِنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ ادَّعَى السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ غَلِطَ أَوْ اسْتَحَلَّ أَمْوَالَنَا وَدِمَاءَنَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى حَقٍّ فِي زَعْمِهِ نَعَمْ لَا تُقْبَلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَصَبِيَّةً حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُمْ بَلْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ وَهِيَ أَنْ يُبْغِضَ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لَا تَقْتَضِي الرَّدَّ بِمُجَرَّدِهَا وَإِنَّمَا تَقْتَضِيهِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا دُعَاءُ النَّاسِ وَتَأَلُّفُهُمْ لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَالْوَقِيعَةِ فِيهِ فَإِنْ أَجْمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى أَعْدَاءِ قَوْمِهِ وَوَقَعَ مَعَهَا فِيهِمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ زَادَ الْمُغْنِي وَتُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ أَيْ الْعَدُوِّ لَهُ أَيْضًا لَا تَزْكِيَتُهُ لِشَاهِدٍ شَهِدَ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَا مُغَفَّلَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَى أَوْ اسْتَحَلَّ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَى الْخَطَّابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتُقْبَلُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَحَ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مَعَ شَرْحِهِ وَجَرْحُ الْعَالِمِ الرَّاوِي الْحَدِيثِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْمُفْتِي نَصِيحَةٌ كَأَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ مُخَلِّطٌ أَوْ لَا تَسْتَفْتُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْفَتْوَى لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ لِلنَّاسِ. اهـ.

زَادَ الْمُغْنِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا بِعَدَاوَةٍ وَلَا غَيْبَةٍ إنْ كَانَ يَقُولُ لِمَنْ يَخَافُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَيُخْطِئُ بِاتِّبَاعِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِمْ) أَيْ بِأَهْلِ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَقُ) أَيْ الْمُبْتَدِعُ. (قَوْلُهُ: لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا نُفَسِّقُهُ بِهَا (فَائِدَةٌ)

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْبِدْعَةُ مُنْقَسِمَةٌ إلَى وَاجِبَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَمَنْدُوبَةٍ وَمَكْرُوهَةٍ وَمُبَاحَةٍ قَالَ وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَعْرِضَ الْبِدْعَةَ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوَاعِدِ الْإِيجَابِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ كَالِاشْتِغَالِ بِعِلْمِ النَّحْوِ أَوْ فِي قَوَاعِدِ التَّحْرِيمِ فَمُحَرَّمَةٌ كَمَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ وَالرَّافِضَةِ قَفَّالٌ وَالرَّدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ الْبِدَعِ الْوَاجِبَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ مَنْ أَحْدَثَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فِي قَوَاعِدِ الْمَنْدُوبِ فَمَنْدُوبَةٌ كَبِنَاءِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَكُلِّ إحْسَانٍ لَمْ يَحْدُثْ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ أَوْ فِي قَوَاعِدِ الْمَكْرُوهِ فَمَكْرُوهَةٌ كَزَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ وَتَزْوِيقِ الْمَصَاحِفِ أَوْ فِي قَوَاعِدِ الْمُبَاحِ فَمُبَاحَةٌ كَالْمُصَافَحَةِ عَقِبَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَلَابِسِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ الْمُحْدَثَاتُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا فَهُوَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَالثَّانِي مَا أُحْدِثَ مِنْ الْخَيْرِ فَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ. اهـ.

مُغْنِي وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ السُّبْكِيّ وَالْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ أَقَرَّهُ أَيْ الْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِبِدْعَتِهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ إلَخْ) وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّاهُ عَدَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ الْكَبَائِرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ شَارِحُهُ غَيْرَ مُتَعَقِّبٍ لَهُ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا تَصْوِيبُ شَهَادَةِ جَمِيعِ الْمُبْتَدِعَةِ حَتَّى سَابِّ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَأَقَرَّهُ شَارِحُهُ وَعِبَارَتُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ وَالسَّلَفَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُهُ اعْتِقَادًا لَا عَدَاوَةً وَعِنَادًا انْتَهَى وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ تَنَاقُضٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْجَمْعِ فِيهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ إذَا صَدَرَ مِنْ غَيْرِ مُبْتَدِعٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَهِكٌ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ انْتِهَاكًا فَظِيعًا فِي اعْتِقَادِهِ فَلَا يُوثَقُ بِهِ بِخِلَافِ الْمُبْتَدِعِ لِمَا ذَكَرَ فِيهِ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ يَدْفَعُ التَّنَاقُضَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِمَّا نَصُّهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَيْ الْكَبَائِرِ فِي قَوْلِهِمْ وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إلَخْ غَيْرِ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ. اهـ.

إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ اعْتِقَادًا مَعَ كَوْنِهِ كَبِيرَةً لَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ كَسَائِرِ اعْتِقَادَاتِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَ هُمْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ غَلَطٌ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ فِي تَكْفِيرِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا فَإِنْ لَمْ نُكَفِّرْهُ فَهُوَ فَاسِقٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ سَبَّ بَقِيَّةَ الصَّحَابَةِ فَهُوَ فَاسِقٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُغْلَطُ فَيُقَالُ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ انْتَهَى فَجَعَلَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ غَلَطًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَنُقِلَ عَنْ جَمْعٍ التَّصْرِيحُ بِهِ وَأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ أَوْ لَعَنَهُمْ أَوْ كَفَّرَهُمْ فَهُوَ فَاسِقٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ. اهـ.

وَإِلَى ذَلِكَ مَيْلُ الْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَنَا مُخَالَفَةُ مَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمَنْهَجِ وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الدَّاعِيَ إلَى بِدْعَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ أَيْ مَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ؛ لِأَنَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِشْكَالِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَمَا نَقَلَهُ ذَلِكَ الْجَمْعُ لَا يُوَافِقُهُ قَوْلُهُمْ الْآتِي وَتُقْبَلُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015