بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ وَهَذَا مُسَاوٍ لِعَدَاوَةِ الظَّاهِرِ بَلْ أَشَدُّ مِنْهُ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهَا إذَا انْتَهَتْ إلَى ذَلِكَ فَسَقَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَاسِدٌ، وَالْحَسَدُ فِسْقٌ وَالْفَاسِقُ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ حَتَّى عَلَى صَدِيقِهِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَاوَةُ الْخَالِيَةُ عَنْ الْفِسْقِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْعَدَاوَةَ أَنْ يَتَمَنَّى مُطْلَقَ زَوَالِهَا، وَالْحَسَدَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَهَا إلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَصِلَ فِيهَا لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ فَحِينَئِذٍ هُوَ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْحَسَدِ الْمُفَسِّقَةِ بَلْ حَقِيقَةُ الْعَدَاوَةِ الْغَيْرِ الْمُفَسِّقَةِ فَصَحَّ كَوْنُهُ عَدُوًّا غَيْرَ حَاسِدٍ، وَحَصْرُ الْبُلْقِينِيِّ الْعَدَاوَةَ فِي الْفِعْلِ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا الْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ جَمْعًا نَقَلُوا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُفَسِّقَةُ فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ قَالَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْعَدَاوَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمِنْ أَحَدِهِمَا فَلَوْ عَادَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خُصُومَتِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ) .

حَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ مَنْ قَذَفَ آخَرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ وَكَذَا مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. اهـ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ رَدَّ الْقَاذِفِ وَالْمُدَّعِي ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ فِيهِمَا إلَى الْفِسْقِ وَهَذِهِ النِّسْبَةُ تَقْتَضِي الْعَدَاوَةَ عُرْفًا وَإِنْ صَدَقَ، وَرَدُّ الْمَقْذُوفِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ الزِّنَا أَوْ الْقَطْعَ تُورِثُ عِنْدَهُ عَدَاوَةً لَهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْتَقِمُ مِنْهُ بِشَهَادَةٍ بَاطِلَةٍ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَسَبَ آخَرَ إلَى فِسْقٍ اقْتَضَى وُقُوعَ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَنْ اغْتَابَ آخَرَ بِمُفَسِّقٍ تَجُوزُ لَهُ الْغِيبَةُ بِهِ وَإِنْ أَثْبَتَ السَّبَبَ الْمُجَوِّزَ لِذَلِكَ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ فِي الدَّعْوَى بِالْقَطْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَمَا هُنَا وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِلْغِيبَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمُغْتَابَ هَتَكَ عِرْضَهُ بِظُلْمِهِ لِلْمُغْتَابِ فَجَوَّزَ لَهُ الشَّارِعُ الِانْتِقَامَ مِنْهُ بِالْغِيبَةِ غَيْرَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ يُحْمَلُ عَلَى الِانْتِقَامِ بِشَهَادَةٍ بَاطِلَةٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ وُقُوعُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَتُقْبَلُ لَهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْعَدَاوَةِ الْبُغْضَ الْمَذْكُورَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِعْلٌ أَوْ لَا وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ وَفِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّ الْعَدَاوَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْفِعْلِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَنْعُهُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مَعَ قَيْدِ الْحَيْثِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْبُغْضُ مَعَ قَيْدِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ) كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهَا رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهَا إذَا انْتَهَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهَا إذَا إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْعَدَاوَةُ الْخَالِيَةُ إلَخْ) وَلَوْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ مُطْلَقًا مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ تَمَنِّيَ مُطْلَقِ الزَّوَالِ غَيْرُ مُفَسِّقٍ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) مِمَّا يُنَاسِبُهُ أَوْ يُعَيِّنْهُ قَوْلُهُمْ الْآتِي وَتُقْبَلُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: أَنْ يَصِلَ فِيهَا لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ أَنْ يَصِلَ فِي الْبُغْضِ إلَى حَدٍّ يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَيُنَاسِبُهَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ بِالْفِعْلِ سم. (قَوْلُهُ: وَحَصَرَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ) نَفْيُ الْإِشْكَالِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَمَا نَقَلَهُ ذَلِكَ الْجَمْعُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ الْآتِيَ وَتُقْبَلُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ سم وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْقَبُولِ مِنْ عَدُوٍّ مِنْ مُحْتَرَزَاتِ شَرْطِ الْعَدَالَةِ لَا شَرْطِ عَدَمِ الِاتِّهَامِ. (قَوْلُهُ: قَالَا وَقَدْ تُمْنَعُ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ هُنَا وَالْأَسْنَى وَالْمُغْنِي عَقِبَ التَّعْرِيفِ الْمَارِّ وَالْعَدَاوَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَتَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَقَدْ تُمْنَعُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَادَى) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا مُغْنِي زَادَ الْأَسْنَى وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي اهـ أَيْ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ أَيْ لِلْحَدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَا عَلَى مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ فَإِنْ قَذَفَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ. اهـ.

بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْقَاذِفُ قَبْلَ الشَّهَادَةِ عَدُوٌّ لِلْمَقْذُوفِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْحَدِّ، وَكَذَا دَعْوَى قَطْعِ الطَّرِيقِ يَصِيرُ الْمُدَّعِي عَدُوًّا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَاطَعَهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا بُغْضٌ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَمَى غَيْرَهُ بِكَبِيرَةٍ فِي غَيْرِ شَهَادَةٍ صَارَ عَدُوًّا لَهُ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مَالَهُ) لَعَلَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُفِيدُهُ اقْتِصَارُ النِّهَايَةِ عَلَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنْسُبُهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِيهِمَا أَيْ فِي صُورَتَيْ الْقَذْفِ وَدَعْوَى الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي الْعَدَاوَةَ) أَيْ أَنَّ مَنْشَأَهَا الْعَدَاوَةُ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْمَقْذُوفُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ) أَيْ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) لَا يَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: بِمُفَسِّقٍ) أَيْ كَضَرْبِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الِاغْتِيَابَ الْمَذْكُورَ كَمَا هُنَا أَيْ كَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَيُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ جَوَازِ الْغَيْبَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُغْتَابَ هَتَكَ عِرْضَهُ بِظُلْمِهِ لِلْمُغْتَابِ) الْمُغْتَابُ الْأَوَّلُ اسْمُ مَفْعُولٍ وَضَمِيرَيْ الْجَرِّ لَهُ وَالْمُغْتَابُ الثَّانِي اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: فَجَوَّزَ لَهُ) أَيْ لِلْمُغْتَابِ اسْمُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الِانْتِقَامُ بِالشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) أَيْ عُرْفًا وَعَادَةً (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتُقْبَلُ لَهُ) أَيْ لِلْعَدُوِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُ (فَرْعٌ) حُبُّ الرَّجُلِ لِقَوْمِهِ لَيْسَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ قَلْبِيٌّ أَيْضًا إذْ الْحُزْنُ وَالْفَرَحُ قَلْبِيَّانِ وَكَذَلِكَ التَّمَنِّي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِهِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدَاوَةِ الْبُغْضَ الْمَذْكُورَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِعْلٌ أَوْ لَا وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ تَمَنِّيَ مُطْلَقَ الزَّوَالِ غَيْرُ مُفَسِّقٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) مِمَّا يُنَاسِبُهُ أَوْ يُعَيِّنُهُ قَوْلُهُمْ الْآتِي وَتُقْبَلُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَصِلَ فِيهَا لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ: بِأَنْ يَصْلُحَ فِي الْبَعْضِ إلَى حَدٍّ تَصْلُحُ لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَيُنَاسِبُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ) نَفْيُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015