قال: فلما قال الأعشي: "وادلاج بعد المنام" ظنوا أن الادلاج لا يكون غلا بعد المنام، ولما قال زهير: "وادلجن بسحرة" ظنوا أن الادلاج لا يكون إلا بسحرة، وهذا وهم وغلط، وإنما كل واحد من الشاعرين وصف كل ما فعله هو وخصه دون ما فعلهغيره، ولولا أنه يكون بسحرة وبغير سحرة لما احتاج إلى ذكر سحرةٍ، لأنه إذا كان الادلاج بسحرةٍ وبعد المنام فقد استغنى عن تقييده.

قال: ومما يوضح فساد تأويلهم أن العرب تسمي القنفذ مدلجًا، لأنه يدرج بالليل ويتردد فيه، لا لأنه لا يدرج إلا في أول الليل، أو في وسطه، أو في آخره، أو فيه كله، ولكنه يظهر بالليل في أي أوقاته احتاج إلى الدروج: لطلب علف أو ماء أو غير ذلك.

قال الشيخ أبو جعفر: هذا كلام ابن درستويه في رد كلام ثعلب ومن وافقه من اللغويين، وتتبعه على هذا الرد طوائف كثيرة من المتأخرين.

ومت قاله ابن درستويه: من أن [اللغويين] أخذوا الفرق بين الإذلاج والادلاج من البيتين المتقدمين، وأمثالهما، فالإنصاف في ذلك أن يقال: إن كان اللغويون أخذوا الفرق بينهما من البيتين كما ذكره فالحق ما قاله ابن درستويه، لأنه ليس فيهما دليل، وإن كان أخذوا الفرق بينهما سماعًا من العرب [لا من] البيتين/ فالحق مع من خالقه ابن درستويه، وهذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015