وذي صَلَفٍ خطَّ العذارُ بخدِّه ... كخطِّ زبورٍ في عَسيبِ يمانِ
فقلتُ له مستفهماً كُنْهَ حاله ... لمن طللٌ أبصرتهُ فشجاني
فقال ولم يملك عزاءً لنفسه ... تمتعْ من الدُّنيا فإنك فان
فما كان إلاَّ برهةً ورأيتهُ ... كتيسِ ظباءِ الحلَّبِ العدوانِ
وهذا من مليح التضمين ونبيل التذييل، وقد كان عند أبي بحر منه ما يستحسن. وكان شيخنا أبو الرَّبيع ابن سالم كثيراً ما ينشدنا مستملحاً قول أبي محمد ابن عبدون، ويقول أنشدنا القاضي أبو عبد الله ابن زرقون عنه، وكان صاحب أنزال الدور ببطليوس قد عيَّن له داراً واهية البناء، فكتب إلى المتوكل أبي محمد ابن الأفطس:
أيا سامياً من جانبيه إلى العُلا ... سموَّ حبابِ الماءِ حالاً على حال
لعبدك دارٌ حلَّ فيها كأنها ... ديارٌ لسلمى عافياتٌ بذي خال
يقول لها لما رأى من دثورها ... ألا عمْ صباحاً أيها الطلل البالي
فمرْ صاحب الأنزالِ منها بفاصلٍ ... فإن الفتَى يهذي وليس بفعال
ومن شعره:
سحقاً لوجه ابن أدهمْ ... فإنَّه يجلبُ الهمْ
وما استبان لخلقٍ ... إلاَّ اشتكى وتألَّمْ
وجهٌ ترى الشؤمَ فيه ... يكادُ أن يتكلم
وله من أبيات:
فأنت يا ولدَ الفخَّار أنت كما ... تُدْعى ولا تسبقنَّ الراء بالألف