تحفه القادم (صفحة 159)

شَربتْ بعدك اللَّيالي حياتي ... غيرَ أوشالِ لوعتي وسَقامي

وله، أنشدنيها صهره أبو الحسن عليّ بن أحمد المكناسي، قال: أنشدني لنفسه. قلت: حضر أبو بحر ليلةً بمرسية، وبها جماعة من الطلبة ووجوه الناس، ومعهم طالب بلنسي، فتباسطوا إلى أن عرضوا عليه أن ينشدهم، فأنشد هذه القصيدة. فقال أبو بحر: ما تملُّون من كلام مهيار؟ فقال له البلنسي: ولا بد، هذا كلام مهيار؟ فقال: هذا نفَسُهُ وهذا منزعه، فقال له: هي للأستاذ ابن أبي البقاء؛ فخزي أبو بحر ووجم:

نِمْتُمُ عن ليلِ حِلْفِ السَّهرِ ... وطويتُمْ غيرَ ما في مُضْمَري

ودعا البينُ فلم يجنحْ إلى ... دَعوةِ البين سوى مُصْطبرِ

ليت شعري هل وجدتُم بعدنا ... ما وجدنا من أليم الذِّكَرِ

لوعةٌ نجديّةٌ تَطْرقُنا ... وغرامٌ بابليٌّ يَعْتري

وهوًى هيَّجَ ما هيَّجه ... من جَوًى أضرم نارَ الفِكَرِ

كلّما أبصرتُ شيئاً حَسناً ... بعدكمْ أعملتُ غَضَّ البصرِ

فعلام اطُّرِحَتْ مودَّةٌ ... لم تَشِنْها وَصْمةٌ من كَدرِ

كان من حقّ الوفا أن تصْرِفوا ... قولةَ الواشي بحُسْنِ النَّظرِ

لا ووجدي وغرامي في الهوَى ... وخضوعي فهو إحدى الكُبَر

ما نسينا سورةً من عهدكم ... كيف تُنْسى مُحكماتُ السُّور

هل إلى عودةِ حُزْوى سببٌ ... أو إلى يانعِ ذاك السَّمُر

وبوُدِّي لو وجدنا سبباً ... لارتجاعِ الفائتاتِ الأُخَر

قد ذوتْ ريحانةُ العيشِ وهل ... يرجعُ النضرةَ ذاوي العُمُر

ونسيمٌ كلَّما علَّلنا ... صدَّ إغفاءةَ نوم السَّحر

ما على ظبيٍ سقاني بِمنًى ... لو أراني مثلَها في أُقُر

يَنْصُلُ العامُ ولا نلقاكمُ ... يا لَقوْمي للضَّنين الموسِر

وعلى هذا فلا عَتْبَ على ... ما جَنيتُم فهو حُكْم القَدَر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015