أبو عبد الله محمد بن محمد بن سليمان الأنصاري الأستاذ من أهل بلنسية ويعرف بابن أبي البقاء وأصله من سَرَقُسطة، وتعلّم فبرع في العربية وعلّم واعتنى بتقييد الآثار، وكان شاعراً مجوّداً مقطّعاً ومقصداً، وتوفي سنة عشر وستمائة: قال من مرثية:
قد علّمتْني اللَّيالي أنَّ رَيِّقَها ... صابٌ وإن قال قومٌ إنَّه عَسلُ
إنَّ الَّذي كانت الآمالُ مُشرِقةً ... به وعيشُ الأماني بُرْدُها خَضِلُ
أصابَ صرفُ اللَّيالي منه قُطْبَ حِجًى ... يا من رأى الشُّهْبَ قد أعيت بها السبُلُ
وهدَّ للحلم طوداً شامخاً عَلَماً ... يا للياليَ تشكو صَرفَها الحيلُ
وضاق وجهُ الدُّجى عن نور بهجته ... فكيف توسِعُها إشراقَها الأُصُلُ
وقال أيضاً:
غيرُ خافٍ على بصيرِ الغرامِ ... أنَّ يومَ الفراق يومُ حِمامِ
عبَراتٌ تصُدُّ عن نظراتٍ ... ونَشيجٌ يحول دون الكلامِ
ودماءٌ تُراقُ باسم دموعٍ ... ونفوسٌ تودي برسم سلامِ