تَصْحِيح أَو تَحْسِين أَو إعلال فقد وَقع الظفر بالمطلب الَّذِي تَدور عَلَيْهِ الدَّوَائِر وتعمر فَوْقه مشيدات القناطر وَهَذَا هُوَ السَّبَب الَّذِي نشطت بِهِ إِلَى شرح هَذَا الْكتاب ورغبت لأَجله إِلَى السبح فِي هَذَا الْبَحْر الْعباب مستعينا بِاللَّه مفوضا أَمْرِي إِلَى الله راجيا أَن ينفع بِهِ مَا شَاءَ من عباده الصَّالِحين ويجعله لي ذخيرة يَدُوم خَيرهَا بعد الِانْتِقَال إِلَى جوَار رب الْعَالمين على أَنَّك بِحَمْد الله ستقف فِي هَذَا الشَّرْح بعد الْأَخْذ من بَيَان ذَلِك الْمَقْصد الْكَبِير بِمَا تبلغ إِلَيْهِ الطَّاقَة من التفتيش والتنقير على فَوَائِد شوارد وفرائد قلائد لم يتَعَرَّض لَهَا من تعرض لشرحه وَإِن طَال فِي لججة بشوط سبحه
وَاعْلَم أَن مَا كَانَ من أَحَادِيث هَذَا الْكتاب فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ فقد أَسْفر فِيهِ صبح الصِّحَّة لكل ذِي عينين لِأَنَّهُ قد قطع عرق النزاع مَا صَحَّ من الْإِجْمَاع على تلقي جَمِيع الطوائف الإسلامية لما فيهمَا بِالْقبُولِ وَهَذِه رُتْبَة فَوق رُتْبَة التَّصْحِيح عِنْد جَمِيع أهل الْعُقُول وَالْمَنْقُول على أَنَّهُمَا قد جمعا فِي كِتَابَيْهِمَا من أعلا أَنْوَاع الصَّحِيح مَا اقْتدى بِهِ وبرجاله من تصدي بعدهمَا للتصحيح كَأَهل المستخرجات والمستدركات وَنَحْوهم من المتصدرين لأفراد الصَّحِيح فِي كتاب مُسْتَقل وَأما مَا عدا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا فقد وطنت النَّفس على الْبَحْث عَنهُ وإمعان النّظر فِيهِ حَتَّى أَقف على مَا يُضعفهُ أَو يقويه وَقد اكْتفى بتصحيح إِمَام إِذا أعوز الْحَال فِي الْمقَام
فَائِدَة ذكر السُّيُوطِيّ فِي تَرْجَمَة الْجَامِع الْكَبِير أَن عزوه للأحاديث الَّتِي فِيهِ إِلَى الصَّحِيحَيْنِ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه والضياء فِي المختارة معلم بِالصِّحَّةِ سوى مَا تعقب على الْمُسْتَدْرك فَإِنَّهُ نبه عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وَهَكَذَا مَا فِي موطأ مَالك وصحيح ابْن خُزَيْمَة وصحيح أبي عوَانَة وَابْن السكن والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود والمستخرجات فالعزو إِلَيْهَا معلن بِالصِّحَّةِ أَيْضا ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك