الأولون، ويصير إليه الآخرون، والحمد الله الذي لما قضى علي الموت جعله في دولة أمير المؤمنين أيده الله وجعلني ماضياً على أحكام طاعته ودارجاً على أفضل ما درج عليه أحد من أهل ولايته وتمم الكلام وشكر الإنعام ثم قال: ولم أطب نفساً مع ما آلت إليه الحال بأن أُمسك من النصح لمولانا حياً كنت أم ميتاً ولا بد أن يقوم لخدمته من يصلح لها، ويجري مجراي في حراستها والذب عنها والنهوض بأعبائها. وهذا خادم أمير المؤمنين وكاتبه علي بن عيسى بن داود ابن الجراح أحد الكتاب المتقدمين ومن قد خدم آباؤه الخلفاء الماضين وكانوا مرصنين محمودين، وقد عرف مولانا مذهبه في أمانته ومناصحته، وتأدت إليه أخباره في سداده وكفايته. وخادمه العباس بن الحسن كاتب حضرتي، وكان ملازماً لي وقد تقيل أخلاقي في الخدمة، وعرف مذهبي في المدافعة عن الدولة وسلك مذهبي في المبالغة والطاعة. وعلى أيهما اعتمد، ولأيهما آثر وقدم، رجوت ألا يعدم عنده شيئاً مما كان عليه خادمه في المناصحة. وتمم القول وختمه بالوصاة بولده ووالدته وأسبابه والإحسان إليهم ومكافأته بما يستحقه فيهم.

قال عبد الرحمن: فحدثني أبو الحسن أخي قال: لما فرغ القاسم من إملاء هذه الرقعة دفعها إلي وقال: سألتك بحق ما بيننا إلا بادرت وأوصلتها من يدك، واجتهدت في التعجل بما يجري، فإنني أخاف إن تأخرت أن لا تلحقني، وأكبر أملي فيما بقي من مدتي أن أعرف ما يستقر عليه الحال من بعدي. قال أخي: فاستعفيته فلم يعفني، ولم يكن فيه فضل لمعاودتي، وعجبت من شدة نفسه، وزيادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015