وحدث أبو عمرو الشرابي قال: لما صرف أبو الحسن لعي بن عيسى بأبي علي محمد بن علي بن مقلة دخلت إليه في محبسه فحادثته وسكنت منه، وسألته عما يريده من الأشربة والأسوقة والطعام لأتقدم بحمله، فوجدته طيب النفس حسن اليقين وقال لي: الآن تم لي ديني وتفرغت لصلاتي وأداء مفترضاتي، وقد كنت أحب العزل وترك هذا الأمر، ولكنني احتسبت قيامي به قيام المجاهد في سبيل الله. فمن تقلد الوزارة؟ قلت: ابن مقلة. قال: حدث يحب الرئاسة ويراعي يومه دون غده، يا أبا عمرو، أليس تدبير الخلافة إلى قوم مبلغ عقولهم أنهم يظنون أن ابن مقلة ينهض بما أعجز أنا عنه، ويستقل بما أتفادى منه؟ إنا لله وإنا إليه راجعون. ذهبت والله الدنيا وضاعت الأمور. فقلت: ما قدروا ذلك ولا توهموه، ولكنهم أرادوا من يأخذ أموال الناس ويعطيهم إياها ويطلقهم فيما منعتهم منه. فقال: الله المستعان.

وحدث عبد الرحمن بن عيسى قال: حدثني هارون الكاتب بن إبراهيم الكاتب قال: لما أحس القاسم بن عبيد الله بحضور منيته جعل يوصي أبا الحسن علي بن عيسى بولده، وأبو الحسن يذكره بالتوبة والإقلاع، فما فارقه حتى تاب توبة جردها وصحح فيها العزيمة. ثم دعا بالعباس بن الحسن في غداة يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين قبل أن قضى نحبه بثلاث ساعات فأملى عليه رقعة إلى المكتفي بالله، كان ما حفظناه من ألفاظها ومعانيها: كتبت هذه الرقعة أطال الله بقاء سيدي أمير المؤمنين بإملائي وأنا في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الأخرة. وقد حضر من الأمر ما مضى عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015