لها ومتخلياً منها هل كنت تقدر على مثل هذه الحال الجامعة لجمال الدنيا وثواب الآخرة وطيب السمعة وحسن العاقبة؟ وحدث القاضي أبو علي قال: حدثني الفضل بن أحمد الحياني قال: قال لي أبو بكر الشافعي صاحب أبي الحسن علي بن عيسى: كان المحسن بن علي ابن محمد بن الفرات قبض علي في نكبة أبي الحسن علي بن عيسى، وصادرني وأوقع بي مكروهاً، وجعل التأول على اختلاطي بأبي الحسن وصحبتي إياه. فلما أُخرجنا من المحنة، وعاد أبو الحسن إلى الوزارة، طلبت الانتفاع بأمور أُخاطب فيها، وأُخلف بعض المصادرة منها، فتصديت لأخذ الرقاع بالحوائج، وعرضها على أبي الحسن. فاتفق أن عرضت عليه في بعض الأيام شيئاً استكثره وضجر علي به، فقلت: أيها الوزير إذا كان حظنا من أعدائك في أيام نكبتك الصفع، ومنك في أيام ولايتك المنع، فمتى ليت شعري يكون النفع؟ فضحك ووقع لي في جميع الرقاع، وما استثقل شيئاً رفعته إليه بعد ذلك.
وحدث القاضي أبو علي قال: حدثني أبو السري عمر بن محمد القارئ قال: حدثني أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى قال: قال لي أبي: عرض علي أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي في بعض أيام وزارتي رقعةً التمس فيها محالاً، وقبل يدي، وتركتها من يدي مفكراً فيما أفعله مما أبلغ به غرضه ولا يلحقني عيب فيه. وعرض لي رأي في الركوب، فنهضت، فلما رأى ذلك قبض على يدي وقال: أنا نفي من العباس إن تركت الوزير يركب إلا بعد أن يوقع في رقعتي أو يقبل يدي كما قبلت يده. فوقعت له قائماً بما أراد، وعجبت من سوء أدبه وشدة وقاحته.
قال القاضي أبو علي: وشاهدت أنا أبا بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز هذا