وببيت المقدس آخر يقال له الجاثليق، وأمرهما ينفذ على ملك الروم، لأن أمورهم لا تتم إلا بهما، والطاعة لا تلزم جمهور رعيتهم إلا بقولهما، وربما حرما الواحد منهم فيحرم عندهم. والرجلان في ذمتنا وتحت سلطاننا، فيأمر الوزير بمكاتبة عاملي البلدين بإحضارهما وإعلامهما ما يجري على الأسارى في بلد الروم وأنه مما لم تجر به عادة، ومتى لم يزل ذلك عنهم وتستأنف حسن المعاملة معهم طولبا بجريرة ما يفعل هناك، وسلك في معاملة النصارى مثل ذلك، وننظر ما يكون الجواب. فاستدعي في الحال كاتباً وأملى عليه كتاباً في هذا المعنى وكيدةً، وأنفذها وقال لي: سريت عني قليلاً، وخففت عن قلبي شغلاً. فلما كان بعد شهرين وأيام وقد أُنسيت الحديث جاءني فرانق من بابه يستدعيني. فركبت وأنا متشوق إلى معرفة ما يريدني له، فدخلت وهو مسرور، ووجهه مسفر، فحين رآني قال لي: أحسن الله جزاءك عن نفسك ودينك وعني. فقلت: ما الخبر؟ قال: كان رأيك في أمر الأسارى ببلد الروم أصوب رأي وأصحه، وهذا رسول العامل وأومأ إلى رجل بحضرته قد ورد لذكر ما جرى في بابهم. وقال له علي بن عيسى: عرفنا الصورة. فقال الرجل: أنفذني العامل مع رسول البطرك والقاثليق الذي أنفذاه إلى قسطنطينية، وكتبا على يده إلى ملكي الروم: بأنكما قد فعلتما بأسارى المسلمين عند كما ما هو محرم عليكما ومخالف لوصية المسيح عليه السلام في أمثالهم، وأمره فيمن جرى مجراهم. فإما زلتما عن هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015