من وقته بخط نعمة الكاتبة، يتضمن شكر المحسن على ما كان منه، وذم علي ابن عيسى، واستصغار ما جرى عليه، وأن المحسن لو لم يمتثل ما أُمر به فيه لأفسد حاله عنده، وأنه مع ذلك قد شفع أبا الحسن بن الفرات في علي بن عيسى، ووهبه له وأمر بنزع الجبة والقيد عنه. ومضت عشرة أيام، وأُنفذ علي بن عيسى إلى ابن الفرات، وقيل له: قد حمل إليك لتطالبه بالمال المقرر عليه. وكان الباطن أن زيدان قالت لابن الفرات: لولا ما استعمله المحسن ابنك بعلي بن عيسى لسلم إليك إقامةً لجاهك لئلا يظهر من منعك عنه ما تضعف به يدك. وأشارت عليه بنقله إلى دار شفيع اللؤلؤي من وقته، وأن يظهر اختيار علي بن عيسى لذاك وسؤاله إياه. ووعدها ابن الفرات بالعمل على رأيها. وأُحضر علي بن عيسى دار ابن الفرات وهو في دار حرمه، فجلس في رواق بقرب من مجلس ابن الفرات، ومعه فائق وجه القصعة وفلفل، وكانا يشهدان عند القضاة. ولما رأى كتاب ابن الفرات علي بن عيسى قاموا إليه، وسلموا عليه، وأُذن بصلاة العصر، فقام علي بن عيسى وصلى بقوم اجتمعوا خلفه، ودخل هشام إلى ابن الفرات وقال له: أُهنئ الوزير أيده الله. فقال: بأي شيء؟ قال: تقلد علي بن عيسى في دارك، ونمس على الخدم والعامة بذلك. فقال ابن الفرات: ما أراد إلا التفاؤل بأن يقيم حقاً في هذه الدار ويأمر وينهي.
ثم خرج ابن الفرات من دار حرمه إلى مجلسه، وقام إليه فائق وفلفل وأوصلا رقعة المقتدر بالله إليه بإنفاذه علي بن عيسى ليؤدي ما قرر عليه وكان فيها: إن علياً وإن كان قد أخطأ وأذنب فله خدمة وحرمة، وأريد أن تراعيه