في مطعمه ومشربه، وتتفقده أجمل تفقد وأحوطه، فقد ضمن الإسراع إلى أداء المال.

فلما قرأ ابن الفرات الرقعة استدعي علي بن عيسى، وقربه حتى صارت ركبته مع مرفع الدواة، واجتمع الناس ينظرون، ووافى المحسن، فقام علي بن عيسى، وقد كان الأمراء والقواد وسائر الطبقات يقومون للمحسن في مجلس أبيه، فلم ينكر ابن الفرات قيام علي بن عيسى لابنه. وأعاد ابن الفرات قراءة الرقعة الواردة، ودفعها إلى المحسن حتى وقف عليها وردها بعد ذلك إلى أبيه. فأقبل ابن الفرات على الخادمين وقال: ما أقبح ما وصيت به من تفقد أبي الحسن في مطعمه ومشربه، فإن كان ذلك لتقصير يظن بي فيما هذه سبيله فما أبعدني عن مثله، وإن كان لكناية عن أمر آخر فأرجو ألا أكون في منزلة من يستجيزه أو يطلقه. وقد سلم حامد إلي مع تناهيه في العداوة لي واستعمال القبيح معي فعاملته بالجميل الذي عرف، ومعلوم فرق ما بينه وبين أبي الحسن عندي. وقد كان ابن الفرات قطع لحامد لما سلم إليه ثياباً بعشرة آلاف درهم، وأصلح له فرشاً وثيرة، وأجلسه في دار كبيرة، وأخدمه عدة غلمان وخدم، وكان يبخره في كل يوم دفعات، ويقدم إليه أحسن وأوسع طعام فاستخرج بذلك منه ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار لا يعلم بها أحد غير حامد، كان منها أربعمائة ألف وكسر من آبار بواسط ومائة ألف دينار وكسر من ودائع. وإنما جرى عليه المكروه من المحسن بغير إيثار ابن الفرات، ولأن المقتدر بالله أقام على أنه لا بد من تسليمه إلى المحسن، فإنه ضمنه منه بعد ما أخذه أبوه منه بخمسمائة ألف دينار. وخرج من المكروه إلى حد علم به أن الغرض نفسه لا ماله فأقام على التبلج ولم يؤد على يد المحسن درهماً واحداً. وجرى عليه بواسط ما أدى إلى هلاكه، وقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015