على أمره أوقع المكروه به في جسمه بمحضر من القواد جزاءً له على ما فارق الطاعة. فخرج المحسن وجلس معه نصر القشوري الحاجب ونازوك والقواد، وأُحضر علي بن عيسى، فبدأه المحسن بالرفق، ثم نقله إلى الأغلظ فلم يستجب إلى أداء شيء في دار الخلافة، وقال: ما يمكنني الاحتيال وتصحيح المال إلا حيث أن أكون في موضع امن فيه على نفسي، ويمكن أن يجيئني من أريده من كتابي وأصحابي بحسب ما تقرر من شرائط خطى. فتقدم المحسن إلى نازوك بإحضار قيد فيه عشرون رطلاً وجبة صوف مدهونة بماء الأكارع، فأحضرهما، وجيء بحداد، وأمر بتقييده. فلما بدأ بذلك نهض نصر القشوري منصرفاً. فقال له المحسن: ما بمثل هذا عاملتني يا أبا القاسم لما أنفذ هذا عامله ابن حماد حتى قيدني بحضرتك، وأمر علي المكروه بمشاهدتك. فقال له نصر: والله يا سيدي ما ندري كيف نصنع إذا غضب مولانا على وزرائه وكتابة وأمر فيهم بأمر، إن حضرنا عادونا إذا عادوا إلى الخدمة وسعوا في قبيحنا، وإن امتنعنا من الحضور عادانا من إليه الأمر، فدلونا على ما نتخلص به منكم.

وتركه ومضى إلى حجرته المرسومة بالحجبة في دار الخلافة. وجعل القيد في رجل علي بن عيسى وضربه به الحداد بالمطرقة ليسمره، فأخطأ وأصاب كعبه، فقال علي بن عيسى: يا هذا، أي عداوة بيني وبينك حتى فعلت ما فعلت؟ فقال له: كيف لا أعادي وقد أسقطت من رزقي ديناراً؟ فوثب نازوك ليمضي. فقال له المحسن: أنت صاحب الشرطة وهذا أمر يلزمك القيام به، فإذا تركته وانصرفت لم يكن لجلوسي معنى، وإذا كنتم على هذه الحال من محبة علي بن عيسى ومراقبته، وقد سمعتم من أمير المؤمنين لي فيه ما سمعتموه، فألأ واجهتموني بالامتناع من الحضور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015