من غير حضور الوزير أبيه، وطالبه وجد به، فأحال علي بن عيسى على خطه وما شرط فيه له وعليه. فقال له المحسن: هذا تقاعد، وتريد ألا تؤدي في دار أمير المؤمنين ولا تسلم إلي، وهذا أمر لا يتم. فإذا أديت بحيث أنت، وإلا أخذتك إلي. فقال علي بن عيسى: هذا نقض لما تقرر. واستدعى أحمد بن محمد بن جاني، وكان يتولى ضيعته، وإبراهيم بن أيوب النصراني، وكان يكتب بحضرته، فلما حضر أمرهما ببيع داره التي في سويقة أبي الورد المعروفة بدليل النصراني، وعقار له يجاورها فلم يرج من ثمن ذلك إلا ألفا دينار وكسر. واستعفى إبراهيم من العود فأعفي وواصل ابن جاني. وأراد المحسن أن يوحشه ليقف أمر علي بن عيسى فقال له: أنت كنت كاتبه على ضياعه، ورسوله إلى أصحاب ودائعه، ولا بد من أن تصدق عما تعرفه من صوره، وأوقع به مكروهاً غليظاً أغمي عليه فيه، وقيل: إنه تلف، ثم أفاق وتراجع، وجزع المحسن من ذلك فأطلقه، إلا أنه استتر، ووقف أمر علي ابن عيسى. وواصل المحسن القول في بابه عند المقتدر بالله، ونسبه إلى التقاعد في فعله، وحضر الوزير والمحسن في يوم الاثنين الثالث عشر من رجب بحضرة المقتدر بالله
فجدد المحسن القول في أمر علي بن عيسى وسكت الوزير، وأقبل المقتدر بالله وقال له: أنت رجل خير، وتريد أن تتفضل على علي بن عيسى ليقول الناس: رعي حقه وعرف له حرمة ما كان بينه وبينه، وراعى ذمام الصناعة فيه. ويضيع مالي في الوسط، وما أصبر على ذاك. وهذا رجل قرمطي، ودمه وماله حلالان، وإذا وهبت له ماله فلا أقل من أن يستوفي مالي منه. ثم قال للمحسن: اخرج أنت واجلس في الدار، واستدع بعلي بن عيسى، وأرهبه، فإن أقر بودائعه وخرج مما قرره على نفسه وإلا قيده، فإن أذعن وإلا ألبسه مع القيد جبة صوف، فإن أقام على أمره أوقع المكروه به في جسمه بمحضر من القواد جزاءً له على ما فارق الطاعة. فخرج المحسن وجلس معه نصر القشوري الحاجب ونازوك والقواد، وأُحضر علي بن عيسى، فبدأه المحسن بالرفق، ثم نقله إلى الأغلظ فلم يستجب إلى أداء شيء في دار الخلافة، وقال: ما يمكنني الاحتيال وتصحيح المال إلا حيث أن أكون في موضع امن فيه على نفسي، ويمكن أن يجيئني من أريده من كتابي وأصحابي بحسب ما تقرر من شرائط خطى. فتقدم المحسن إلى نازوك بإحضار قيد فيه عشرون رطلاً وجبة صوف مدهونة بماء الأكارع، فأحضرهما، وجيء بحداد، وأمر بتقييده. فلما بدأ بذلك نهض نصر القشوري منصرفاً. فقال له المحسن: ما بمثل هذا عاملتني يا أبا القاسم لما أنفذ هذا عامله ابن حماد حتى قيدني بحضرتك، وأمر علي المكروه بمشاهدتك. فقال له نصر: والله يا سيدي ما ندري كيف نصنع إذا غضب مولانا على وزرائه وكتابة وأمر فيهم بأمر، إن حضرنا عادونا إذا عادوا إلى الخدمة وسعوا في قبيحنا، وإن امتنعنا من الحضور عادانا من إليه الأمر، فدلونا على ما نتخلص به منكم. د المحسن القول في أمر علي بن عيسى وسكت الوزير، وأقبل المقتدر بالله وقال له: أنت رجل خير، وتريد أن تتفضل على علي بن عيسى ليقول الناس: رعي حقه وعرف له حرمة ما كان بينه وبينه، وراعى ذمام الصناعة فيه. ويضيع مالي في الوسط، وما أصبر على ذاك. وهذا رجل قرمطي، ودمه وماله حلالان، وإذا وهبت له ماله فلا أقل من أن يستوفي مالي منه. ثم قال للمحسن: اخرج أنت واجلس في الدار، واستدع بعلي بن عيسى، وأرهبه، فإن أقر بودائعه وخرج مما قرره على نفسه وإلا قيده، فإن أذعن وإلا ألبسه مع القيد جبة صوف، فإن أقام