في الاستعفاء، وراسل في ذلك المقتدر بالله، فدفعه عنه دفعاً ووعده فيه بالمعونة على تمشية الأمور. وكان فيما وقع إلينا من رقاعه في ذلك رقعة إلى السيدة نسختها:

بسم الله الرحمن الرحيم. أطال الله بقاء السيدة وأدام عزها وتأييدها، وكلاءتها وحراستها، وأسبغ نعمه عليها، وزاد في إحسانه إليها، ومواهبه الجميلة، وآلائه الجزيلة، وأقسامه الهنيئة وفوائده السنية عندها، وبلغها في سيدنا أمير المؤمنين أطال الله بقاءه وأدام له العز والتمكين، والنصر والتأييد غاية محبتها وأفضل أمنيتها، ووصل أيام سرورها بعافيته، واغتباطها برؤيته، ووقاها فيه وفي نفسها وفي الأمراء أستودعهم الله وأستوهبه إياهم كل سوء محذور ومخوف، بمنه ورأفته. وصلت الرقعة أعز الله السيدة وعرفت ما تضمنت. فأما الفتنة التي كانت ملتحمةً مع أعظم الأعداء مضرةً، وأقربهم محلةً، وأشدهم على المطالبة جرأة، فقد تكلفت الإنفاق عليها، وقمت بتدبيرها، حتى بلغ الله أمير المؤمنين والسيدة في جميعها المحبة، وانتظمت في صدور الأعداء شرقاً وغرباً الهيبة، وما أنفقت مع ذلك من بيت مال الخاصة بعد الذي رددته إليه نصف عشر ما أنفقه محمد ابن عبيد الله الخاقاني وابن الفرات قبله، وأنا عامل بعون الله على رد ذلك عن آخره. ومتى لم ينفق المعتضد بالله في أسفاره على مائدة أعدائه من بيت مال الخاصة أضعاف هذه النفقة؟! وقد أنفق المكتفي بالله وكان من النظر في القليل اليسير وعلى ما عرف به من بيت مال الخاصة جملةً بعد جملة، مع قلة النفقات في أيام المعتضد بالله. وما أقول قولاً يدفع، لأن الدواوين تشهد به وحسبانات بيوت الأموال تدل عليه، ومؤنس خازن بيت مال الخاصة منذ أيام المعتضد بالله وإلى هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015