ولأاعمال كثيرة، غير أنك تكره القضاء، والعمالة فلا تدخل فيها، والحسبة فلا تصلح لك، والمظالم فتجري مجرى الحكم والذي يصلح لك أن تعقد عليك الغلات في عدة طساسيج تختارها من السواد، فإن أردت جميع غلات السواد كان ذلك لك مبذولاً، فاعمل على ذلك فأنه أصلح لك وأعود عليك أن شاء الله. وذكر أنه كان بمدينة السلام رجل من أهل الأهواز يتحلى بالقضاء، وكانت له حال واسعة ونعمة ظاهرة، وعادته جارية بالحيلة على الناس وأخذ أموالهم بالتمويهات والتزويرات. فصار إليه رجل من أهل إسكاف بني الجنيد وسأله أن يسعى له في تقليده ناحيةً أسماها. فتركه أياماً، ثم دفع إليه كتاباً بتقليدها، وأعلمه مواقفته الوزير أبا الحسن علي بن الفرات على تقدمة خمسين ألف درهم. فأخذ الرجل الكتاب، وأقرض من بعض التجار المال وسلمه إليه ليحمله إلى الوزير، وواعده إلى البكور إليه في غد ذلك اليوم للقاء الوزير ووداعه، وفارقه. وغدا إليه على وعده فلم يره، وخاف أن ينتهي إلى الوزير خبره بالحضرة فينكره، فدخل إليه وتقدم فقبل يده واستأمره في الخروج. فقال له الوزير: إلى أين؟ قال إلى حيث قلدتني. قال ما قلدتك شيئاً فأخرج الكتب وعرضها عليه فلما قرأها الوزير عجب منها، وسأل عمن تنجزها له. فأسمى القاضي وأعلمه أنه أخذ منه خمسين ألف درهم باسمه، فأمر بطلبه فطلب فقيل إنه هرب. فقال الوزير. الحيلة علي تمت. ووقع في الكتب وأمضاها وكتب له بالعوض عن المال وأمره بالنفوذ.
وحدث أبو الحسن علي بن جعفر الهمذاني الكاتب قال: لما تقلد أبو الحسن بن الفرات الوزارة حضره من عمال علي بن عيسى العباس