حدث محدث قال: قلت لأبي العباس بن الفرات يوماً على شرب وقد رأيته يلعب بالخصوم وأرباب الظلامات لعباً، فتارة بالحجج الديوانية وتارة بالحجج الفقهية: يا سيدي هل قطعك أحد في مناظرة؟ فقال أما بالحجة فلا. بل كابرني رجل مرة فحرت في جوابه، وانقطعت في يده، وذلك أن محمد بن زكريا المعروف بوزير الإسكافي كان صنيعة لي، فتولى الضياع بواسط، وحضر من تكلم عليه وبذل مواقفته على ما فرقه، فرسم لي عبيد الله بن سليمان مكاتبته بالحضور، فقلت له: هذا أعز الله الوزير وقت العمارة، وإذا أخل العامل بها وقع التقصير فيها، واحتج علينا بأننا قطعناه بالاستدعاء عنها. قال: فأخره إلى أن يفرغ منها. فأخرته شهوراً، ثم عاود المتظلم منه القول فيما تكلم عليه به، وأمرني عبيد الله باستدعائه، فقلت: هذا وقت التقدير، وبه يحصر الارتفاع. قال: فأخره. فاخرته شهرين، ثم عاود المتظلم، وعاودني عبيد الله. فقلت: قد شبهت الغلات إلا بالحزر. فقال المتظلم: كيف تسمح نفس أبي العباس بإحضار من عمر ضياعه وأضاف إليها خواص السلطان وأملاكه ونقل إليها أكرة الوزير؟! فضياعه كالعرائس المجلوات، وضياع الوزير كضياع الأرامل والأيتام.

قال أبو العباس: وعمل كلامه والله في عبيد الله. فابتدأت أحلف على كذبه واستحالة قوله، فمنعني وقال: حسبك الآن. وكتب منشوراً بخطه بإشخاصه، وأنفذ به مستحثاً، وحمل وزير، واعتقله وصادره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015