أمير المؤمنين أطال الله بقاءه وترجمان القرآن، وبحر العلم، ومن كان إذا تكلم سكت الناس، ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة، ومن كان أعلم بتأويل القرآن فاتباعه فيه أوجب. وقد روي عن ابن عباس مثل ذلك من قول عمر وعلي وعبد الله والجماعة، وما زالت الخلفاء من أجداد أمير المؤمنين أعزه الله يستقضون الحكام فيقضون برد المواريث على الأقارب، ولا ينكرون ذلك على من قضى به من قضاتهم، ولا يرونه متجاوزاً للحق فيه، وما عرفت الجماعة بغير هذا الاسم إلا منذ نحو عشرين سنة. وأمير المؤمنين أولى من اتبع آثار السلف، واقتدى بخلفاء الله، ومال إلى أفضل المذهبين. وإلى الله الرغبة في عصمة الأمير وتسديده. والحمد لله رب العالمين. وحدث أبو الخصيب كاتب أحمد بن العباس قال: حدثني حامد قال: دخلت إلى عبيد الله بن سليمان وهو وزير المعتضد بالله رحمه الله فوجدته خالياً، وعنده أبو العباس بن الفرات، وعبيد الله يعاتبه، فلم يحتشمني لعلمه بما بيني وبينه، فسمعته يقول لأبي العباس: ولكنك تميل إلى فلان وفلان وابن بسطام. فقال له: أما فلان أيها الوزير فميلي إليه لأنه أسعفني في وقت نكبتي وعند مصادرتي بخمسين ألف دينار، ومن عاونني بماله، وأشركني في حاله، فقد استحق مني أن أصفيه الود وأخلص العقد. وأما ابن بسطام فرجل كاتب له علي رئاسة، وحق الرئاسة لا ينسى ودينها لا يقضى.