وحدث محدث قال: رأيت أبا العباس بن الفرات يناظر شيخاً مزيناً ببادوريا قد احتال في تخفيف مقاسمة بيدره وقال له: في أية سنة قسم هذا البيدر على ما ادعيته في المعاملة؟ قال: السنة التي ملكت فيها أيدك الله البيدر الفلاني والبيدر الفلاني. حتى عد عشرة بيادر في عدة طساسيج من خواص السلطان التي استضافها إلى ضياعه. فورد عليه من قوله ما أدهشه وأسكته، وأمضى مقاسمة بيدره وصرفه.
وحدث أبو عبد الله بن الماسح الكاتب قال: حدثني أبو الحسن علي بن عيسى، وقد جرى ذكر الجهبذة، وقال: ما أعجب ما جرى في أمرها بنواحي المغرب. وذلك أنها لما صحت في أيام المعتضد بالله؛ وكتبت لعبيد الله بن سليمان على الديوان، أمرني أن أعمل عملاً بارتفاع الموصل والزابات، فعلمته وعرضته عليه، فاعترضه أبو العباس بن الفرات على رسمه في مثل ذلك وما تقتضيه خلافته لعبيد الله، وقال لي: ما أرى لمال الجهبذة في هذا العمر ذكراً. فقلت له: هذا ما لا أعرفه في أصل ولا مضاف، فإن يكن من مال السلطان فهو بمنزلة ما يؤخذ من الذيل ويرقع به الجيب، أو يكن من مال الرعية فهو ظلم، وطريق للجهابذة إلى أخذ أموال المعاملين. وهذه نواح افتتحت قريباً، وسبيلها أن يعامل أهلها بالإنصاف، وتخفف عنها المؤن لتحلو لهم سياسة السلطان. فقال: هذا باب من أبواب الارتفاع، ولا يجوز أن يترك ويضاع، فيلحقنا من السلطان استبطاء وإنكار. وتقدير ما يجب في هذه النواحي من ذلك عشرة آلاف دينار، فما هو إلا أن سمع الوزير ذكر السلطان وعشرة آلاف دينار تزيد في الارتفاع حتى قال: سبيل